بشيرة بن مراد رائدة العمل الإجتماعي النسائي زمن الإستعمار

بشيرة بن مراد رائدة العمل الإجتماعي النسائي زمن الإستعمار

بشيرة بن مراد هي إبنة شيخ الإسلام الحنفي “محمد صالح من مراد”، وقفت منذ سنوات المراهقة الأولى على حقيقة الوضع المزري الذي تعيشه البلاد تحت وطأة الإستعمار بفضل المُحيط النخبوي الوطني الذي نشأة فيه و ما كانت تسمعه و هي طفلة من نقاشات المثقفين و الوطنيين.

بدأت العمل الإجتماعي الميداني سنة 1937، عندما أطلق علي البلهوان و عدد من المناضلين الدستوريين حملة تبرّعات لفائدة الطلبة التونسيين بفرنسا، لكن الحملة فشلت. عندها تقدمت بشيرة بن مراد بطلب إلى علي البلهوان و المنجي سليم لإعلامهم بمُبادرتها النسوية لجمع التربعات فحصلت على الموافقة بعد 3 أيام، فأسست في البداية لجنة تنظيمية نسائيّة رفقة {نعمة بن صالح، توحيدة بالشيخ، حسيبة غيلب و نبيهة بن ميلاد}. نجحت هذه اللجنة خلال أيام في جمع تبرعات ضخمة من آلاف النساء التونسيات، و وضعها تحت تصرّف المسؤولين الدستوريين.


بعد هذا النجاح مباشرة، قررّت بشيرة بن مراد و من معها، تأسيس أول منظمة نسوية تونسية (الإتحاد النسائي الإسلامي التونسي)، بعد إعلام و موافقة بعض القيادات الدستورية علي البلهوان و المنجي سليم و جلولي فارس و رشيد إدريس، إلا أن المنظمة لم تتحصّل على تأشيرة العمل القانوني حتى سنة 1951 .


إلى جانب عملها على توثيق جرائم الإستعمار و إعانة الأرامل و العائلات المنكوبة، و كتاباتها الصحفية في عدد من المجلات، لعبة بشيرة بن مراد دوراً أساسياً في تكوين جزء كبير من النخبة التي حكمت تونس بعد الإستقلال، فقد واصلت جمع التبرعات لفائدة الطلبة التونسيين بالخارج و كان هدفها تكوين جيل جديد قادر على قيادة تونس بعد الإستقلال، و كان من بين الطلبة الذين تكفّلت بشيرة بن مراد بمصاريف دراستهم، وزراء و مسؤولون بعد الإستقلال…

 

إلاّ أن الجميع قد تخلى عنها بعد الإستقلال، و عمل الرئيس بورقيبة على محو إسمها و مساهمتها من تاريخ الحركة الوطنية، فتعرضت لكثير من المظالم و الإذلال بعد الإستقلال، و عاشت الإقامة الجبرية، و مُنعت من الظهور الإعلامي أو الحديث إلى الصحافة، و لم تحظى حتى بمسكن لائق إلى حين وفاتها سنة 1993 .

 

من أقوالها:

« ليس في الحياة المنزلية ما يُنقص مقام المرأة ولا ما يحُطّ من شرفها ولا مّما يصحّ أن يُقال فيه إنها مظلومة الجانب مهضومة الحق، لأن تقسيم الأعمال بين الجنسين ضروري. يجب على المرأة أن تضرب بسهم في الحياة فلا بد من تربيتها تربية دينية صالحة لتكون مستعدة لحمل الأمانة التي قضى الله عليها بحملها وحفظها …»

 

« المرأة التونسية تطوّرت وسمت أفكارها وصارت تُراقب سير الأمور وهي تستحسن و تستهجن وتمدح وتذم وتفهم حالة البلاد من كل نواحيها. تشارك في المجتمعات الخيرية والاجتماعية العلمية. وإني لمسرورة بكل ذلك، وقد أسمع أحيانا بعض ما يقلقني، مثل الإعراض عن الزواج ونحو ذلك. وإني أدعو قومنا للعمل بجد وكذ في سبيل العلم والمعرفة وتأسيس المدارس ونشر التعليم وإزالة العقبات من وجه الفتاة التونسية وترك الأحاديث والتشمير عن ساعد الجد في سبيل العمل المفيد…»

Visits: 52