آش نعملو بيه القانون؟ لماذا نسن القوانين إذا كنا لا ننوي إحترامها ؟

آش نعملو بيه القانون؟ لماذا نسن القوانين إذا كنا لا ننوي إحترامها ؟

آش نعملو بيه القانون؟ على وزن آش نعملو بيهم الكتب؟

بسهولة تامة أي كان ينجم يعتبر القانون حاجة زايدة و مجرد”تقشقيش حناك و جملة من الخسائر: في الوقت الي تاخذو النقاشات البرلمانية و خسارة ورق الطباعة و خسارة الحبار و خسارة الجهد و خسارة الصوت و خسارة الريق و خسارة الأعصاب…
أي إنو بسهولة تامة يصبح القانون مجموعة من الخسائر العامة و تكاليف زايدة لا طائل من ورائها إلا المزيد من المرج و القلق.

 

هذا الكلام ممكن يكون غريب تويكا، من بعد الثورة و كل الأحلام الديمقراطية و طموحات بناء “تونس دولة القانون و المؤسسات”، تجي إنتي سي الشباب تقوللنا آش نعملو بيه القانون ؟
هكا معناها بعد ما صرفنا 3 سنين نقاش دستوري في المجلس التأسيسي بكل أنواع التكاليف المادية والنفسية و عاملين ترسانة كاملة من القوانين الجديدة و مشاريع تحت النظر لتنقيح القوانين و تجي انت تتلوعب و تتفلسف زعما زعما و تقول ” آش نعملو بيه القانون؟؟؟ ولله لا تحشمها .

هذا أكثر رد متربي انجم نسمعو على سؤالي الانكاري حول جدوى القانون في تونس. و لازم نوضح أن سؤالي هو حول جدوى القانون في تونس بالذات مش حول جدوى القانون بصفة عامة.

 

فما سؤال حقيقي أسبق من سؤالي أنا التمقعيري!
هو علاش أنا نطرح في السؤال هذا و علاش أنا نتسائل حول جدوى القانون في تونس أو جدوى القانون التونسي؟
هل أنا مع الفوضى؟ هل أنا ضد الدولة؟ هل أنا مع الإنفلات؟ هل أنا مع الهمجية؟ هل أنا مع القبلية؟ هل أنا ضد الحضارة و المدنية؟؟

السبب إنو في نهاية عام 2018 جمعيات البوصلة و أنا يقظ مهبطين أسماء أعضاء مجلس الشعب و رؤساء البلديات الي مصرحين بأملاكهم و كيف ما هو معروف التصريح بالأملاك إجباري قانونيا لأعضاء الحكومة و أعضاء مجلس الشعب و رؤساء البلديات و غيرهم القائمة طويلة… لكن نسبة الي صرحوا بأملاكهم ضئيلة علخر و تحشم.

رغم التنبيهات و الندائات الي أطلقوهم هيئة مكافحة الفسادو جمعيات “أنا يقظ” و “البوصلة” فإنو لا حياة لمن تنادي و حتى من الإعلام و الرأي العام ماتحركوش لوقف هذا الخرق المباشر و الصريح للقانون من طرف أوكد الناس المنتخبين من الشعب.

 

كذلك واحد صاحبي هبط قائمة رؤساء البلديات المصرحين بأملاكهم و مركا فيها إسم رئيس بلدية منطقتو الي ماصرحش بأملاكو و طلب منو التصريح بأملاكو و لكن هبطت عليه الجماهير من مساندي رئيس البلدية الحزبيين و حججهم كانت من قبيل “ما يملك شي كان غلظ الدم و السكر”و “ماي الدولة تعرف آش يملك” و”تي هو مسكين منين خالط” …
مسكين صاحبي وحل آش باش يجاوب جمهور الحزب المساندين لحزبهم و المتجاهلين للقانون الي فاقد لكل معنى عندهم لأنهم بكل بساطة واثقين في رئيس البلدية و الحزب .

 

كيف نلقا في بلاد، بداية من رئيس الجمهورية الي يخرق الدستور و يبهدل بحالو بكل جرأة و صحة رقعة، كيف نلقا إنو وزراء و الإطارات و أعضاء مجلس النواب و القضاة و الأمنيين و النقابات و الأطباء و المعلمين/الاساتذة و الموظفين و تقريبا كل الفاعلين سياسيا/اقتصاديا/إجتماعيا/أمنيا، بكل بساطة يخالفون القانون و في وضح النهار و مايحشموش و الأهم صعيب ياسر يتعاقبو.

 

في تونس يقع خرق القانون جهار نهار و تقريبا الجميع يقعد متفرج باهت ساكت، التونسي إستانس بخرق القانون علخر لين ولا عادي معادش نوحلو و نستغربو أو نواجهو و نقاومو خرق القانون.
العادي في تونس حاليا هو “حكم القوة الخاصة” العادي في تونس هو إنفلات المنحرفين و إنفلات العصابات و إنفلات النقابات و إنفلات الأحزاب و إنفلات المسؤولين السياسيين و لذا فلسائل أن يسأل بكل براءة: علاش نعملو في قانون مايحترمو حد؟

 

علاش نعملو قوانين عامة ملزمة للجميع مدام الضعفاء و المساكن و التوانسة العاديين هوما الوحيدين الي بش ينفذوها ؟ و بكل صراحة علاش نعملو في قوانين إذا أي واحد فينا بش يخرقهم كيف ما ينجم.

 

القانون الحقيقي الوحيد في تونس و من قرون هو أن القانون ما ينفذو كان الي ماينجمش يخالفو أو يخاف من المخالفة.
القانون التونسي معمول للضعفاء فقط و لذلك نلقو الدولة هي أول خارق للقانون و إمتياز رجال الدولة التونسية هو خرق القانون يليهم الأغنياء و النقابيين و البوليسية و آخرهم المنحرفين أو المجرمة في التعبير الدارج .

 

في الحقيقة المجرمة الي يدخلو الحبس هوما المخترقين الضعاف الي ماعندهم حد يحميهم مقابل المخترقين الأقوياء الي تحميهم قوة الدولة قوة المهنة أو قوة الفلوس أو القوى الأجنبية.

 

نرجع تويكا لسؤالي الشرعي تماما حول قيمة قوانين نسنوها و نقعدو شهور و ممكن أعوام لنقاشها و أحيانا نفرحو بيها علخر و نباركوها أصلا و لكن وقت التنفيذ و التطبيق وقتلي نحتاجولها تطلعلنا كيف “كلام الليل المدهون بالزبدة”.

وقت تنفيذ: القوانين تتخصى و السلطات تتشل و ماعادش تعرف آش تعمل و تطلعلنا بحجج كيما “نتعاملو بالثيقة مع شركات البترول” أو ” ماصدرتش فيه بطاقة جلب” ( قالها وزير الداخلية السابق لطفي براهم في سؤال حول فشل إعتقال ناجم الغرسلي الي صادرة فيه بطاقة تفتيش ) .
السلطات تتشل و الإعلام يتجاهل و الكارثة إنو الرأي العام إستانس و إعتبرها عادية و معادش يركز معاها وولات تتعدا بشكل عادي .

خرق القانون كيف يولي عادي علخر و ماينتجش عليه مقاومة و ماتهبطش مظاهرات و متاكلش بعضها على خرق القانون، فإذا هو بلا قيمة بلا قدر بلا إحترام .

إمالا علاش نعملو في قوانين موش ناوين نحترموها ؟
أنا هنا يرتكز سؤالي الجوهري.

 

عندنا تو من قرون في الزمن في “دولة” لا يحترم فيها القانون، و رغم أن جوهر الدولة و مهمتها الأساسية هي تنفيذ القانون فإنو الدولة التونسية خاصيتها القديمة الجديدة الأصيلة هي خرق القانون أو طغيان الأهواء الفردية على القانون و هذا يصير من “الأمير للغفير” كيف ما يقول المصري.

الجميع تقريبا بإستثناء الأقلية “المحترمة المتخلقة ” يحب يخرق القانون قد ماينجم و أصلا الي يحترم القانون رغم قدرتو على خرقو يعد غريب أو دغفة. فالعقل التونسي العام لا يحترم القانون أو لا يحترم الإلتزام و لذا يتنصل من أي إلتزام كيف اطيرلو النفحة أو يقل الحماس أو لأنو قلق و الأهم كيف يلقا مصلحة شخصية .

 

من غير مانتعمق أكثر في أزمة الإلتزام التونسي أما اليوم السؤال هو حول قيمة القانون الحقيقية بالنسبة لتونس الحالية. بالرسمي علاش نعملو في قوانين تونسية معا كل الي يستلزمو هذا من جهد وقت و فلوس.

الدول الكل عندها قانون و لذا أحنا لازم نعملو قوانين كيفهم باش مايقولوش علينا قعار و جبورة و متخلفين. الدول المتقدمة الكل عملت قوانين و الدول الديمقراطية عملت قوانين و أحنا نحبو نتقدمو و نحبو نعملو ديمقراطية و لذا لازمنا نعملو قوانين .

 

يلزمنا نعملو قوانين بش نشبهو للأوروبيين، للمتمدنين، للمتقدمين لكن إحترامها و تطبيقها مايهمش و مانجموهاش أو الحجة المقدسة تي أحنا عرب متخلفين مش متاع قانون و باش نقعدو هكا.

من القرن 19 نعملو في مجهودات عملاقة لنقل و تقليد سن القوانين مع كل الجهود، اللجان، الإنتخابات، النقاشات، محاضر الجلسات و الفلوس و من بعد بكل سهولة بجرة قلم أو بكلمة نخرقوها و ننسفو هكا كل الأحلام الي إرتبطت بيها. طبعا هنا ماتحترم كان القوانين الي تخص المرأة و العنصرية و حقوق الأجانب أكهو هذوكم المقدسات التونسية .

 

في الواقع التونسي اليوم سياسة “الأمر الواقع” هي الي تحكم. وين فما القوى الداخلية تفرض قانونها الخاص بالتحالف مع قوى أجنبية و الصراع محلول على كل الإمكانيات و هنا الدولة التونسية مخطوفة و مسلوبة الإرادة و الأمة ضايعة منتهكة و مخدرة تماما بحكايات الكورة و عندي مانقلك و لذا فإنو القانون بيدو ماهوش محترم في ذاتو لأنو أصلا معمول كتقليد للخارج أو تحت ظغط إحدى القوى الحزبية/الإجتماعية الفاسدة.

 

تونس فيها “قوانين مقلدة مزيفة” و هذا يعني “دولة مقلدة مزيفة ضعيفة و تابعة” مع شعب مخدر و مغيب. هكا علاش نعيشو هذا الإنقياد للمجهول و هذا الإستسلام للغلط، للفساد والفوضى. و في هذا الوقت سؤالي يفقد كل شرعية لأن الفكر التونسي الحالي مايخممش مايحللش ماينقدش مايتأملش و إنما يتبع المظاهر ويتعاطف مع الضخامات و التصاور و يتأثر بالوعود المعسولة و لذا سؤالي المنطقي و الموضوعي جدا ليس له معنى.

 

تونس اليوم و تونس الأمس و تونس الماضي البعيد تعيش “أزمة معنى/ أزمة جوهر الحياة” و تعيش سطحية تامة. و لذا فإنها في بحث محموم على المظهر و التصويرة و إضاء الخارج و “صورة تونس في الخارج”.. هكا علاش تعاني كل هذا الضعف و الفساد و ماشية في طريق الإنهيار.

 

تعاني تونس من غياب أي أولوية قيمية أو مبدئية وطنية قومية، و لذا فإنو الصراعات الحزبية الجهوية الإجتماعية تشركها تماما و تعطي فرصة للبراينية باش يتدخلو فيها بكل وقاحة وصحة رقعة. و من بعد الجميع يولي يبكي على تونس ب”دموع التماسيح” .

 

القوانين التونسية تعاني من غياب أي قيم عامة أو مبادئ عامة قومية تستند عليها و تعطيها شرعية روحية. القانون يحتاج لشرعية روحية تسندو و تصلب عودو في النفسية العامة و تجذرو في الوعي العام.
لكن بقوانين مستوردة من الخارج و بقوانين مقلدة من الخارج و بقوانين تتعمل تحت ضغط الخارج ( أبداها من عهد الامان لقانون الحقوق الفردية ) فإنها فاقدة لمبرر الإحترام من الأصل. بقوانين تتعمل كيما جا جا بدون أدنى مراعات للمصلحة العامة أو نجاعة أجهزة الدولة.

بقوانين تحل الباب قدام الفساد و سوء الإدارة، بقوانين تخلي باب خلفي محلول للثغرات و هكا بقوانين مخلية الباب محلول لخرقها قانونيا، عندنا قوانين تعاكسها قوانين أخرى أو قوانين (خصوصا دستورية) تخلي الفرصة لعرقلة للحكومة أو للقضاء باش يغرقها في التفاهات.

عندنا قوانين ولدت ميتة. إن تونس أو بالأحرى الدولة التونسية تعيش فوض القوانين المشوهة، سيئة الصنع، العقيمة و الغير قابلة للتطبيق. إن الدولة التونسية هي حالة فوضى قانونية و لذا فإنو لا يمكن إحترامها أو إحترام قانونها، لكن ممكن الخوف منها و من قانونها كيف تبدا ضعيف و ماعندك حد كيما حال أغلبية المواطنين التوانسا الصالحين محترمي القانون و دافعي الضرائب و الي مايعملوش إضرابات و مايسكروش كياسات .

 

نرجعو تويكا للأعمق من سؤال القانون: “آش نعملو بيها الدولة التونسية كيف مايحترمها حد”؟
و لهنا السؤال العميق: أي معنى لهذه الدولة و أي معنى للدولة التونسية الحالية ؟

توضح أزمة “القانون التونسي” أزمة المعنى الي تعاني فيها الأمة و الي مخليتها مستلبة ضايعة و مزبهلة. الأزمة الي تخليها منقادة مستسلمة و مسلمة في روحها للي يجي يهزها وين يحب و يعمل فيها الي يحب و هذا علاش مزال الشعب يندب حظو الي تولد في تونس البلد الفقير الصغير و الضعيف .و هذا علاش مازلنا لتو في القرن21 إناقشو في مسائل محسومة في الفكر الإنساني من 2000 سنا لتالي و أكثر .

 

القومية التونسية تطرح الأسئلة الحقيقية، الأسئلة العميقة، الأسئلة الإنكارية. القومية التونسية تراجع الإجابات البديهية، الإجابات المدرسية و تحاو تعمل إجابة صحيحة إجابة مقنعة إجابة منطقية.

القومية التونسية تتأمل في الواقع التونسي بأدق تفاصيلو و تلاحظ مليح عوامل الأزمة الروحية و تركز كل جهدها عليهم. و رغم كل التتليف الي تعانيه من الوعي التونسي فإنها مزالت شادة صحيح في لفت إنتباه الوعي التونسي للمسائل الهامة الحيوية الحقيقة و ذات المعنى العظيم و بش تقعد هكا للأبد أو لين يلف الموت كل أعظائها .

 

القومية التونسية تهدف لقيام دولة تونسية جديدة محترمة مقدسة قوية مهابة صلبة وعندها قيم عظيمة نابعة من ذاتها.
دولة ذات سيادة و على هذا الأساس تسن قوانينها لجل القيم والصالح العام و على هذا الأساس تحترم قوانينها و تنفذ من الجميع جميع المواطنين دون إستثناء لأنها قوانينهم لأنها إلتزاماتهم لأنها إرادتهم لأنها حريتهم لأنها شرفهم و لهنا معنى حياتهم السياسية و معنى دولتهم .

 

تحيا الأمة التونسية،
تحيا الدولة التونسية الحقيقة،
تحيا القوانين التونسية المحترمة.

Visits: 217