من أجل تحقيق السيادة الإقتصادية و القضاء على إقتصاد التبعية

من أجل تحقيق السيادة الإقتصادية و القضاء على إقتصاد التبعية

في التقارير الحكومية و الصحفية حول “الوضع المالي الاقتصادي التونسي” (تقارير عادة يصدرها البنك المركزي التونسي) يصير التركيز على “مخزون العملة الصعبة” ويتعير حسب عدد أيام الاستيراد.

البنك المركزي التونسي عامل معدل لتكلفة يوم الإستيراد التونسي و على هذا الأساس عامل معيار للحد الأدنى من مخزون العملة الصعبة الضروري لأجل “الإستيراد” و كيف نطيحو تحتو يولي الوضع خطير و ممكن ياسر نلتجؤو للاستدانة بش انجموا نبقوا نستوردوا.

 يقيم “الفكر الاقتصادي السياسي التونسي” صحة المالية العمومية وصحة الإقتصاد التونسي بالقدرة على الإستيراد و هذا علاش يسمي العملات الأجنبية للإقتصاديات الكبرى بالعملة الصعبة.

لأنو حاطط هدف الإقتصاد التونسي هو الحصول على هذه العملة الصعبة لأجل الاستيراد و لأجل هذه الغاية تشق كل الطرق.

في تونس نفترضوا مبدئيا إنو محتاجين لإستيراد حاجياتنا من الخارج ولذا فإنو نخممو ديما في تدبير فلوس للإستيراد، وطبعا لازم تكون فلوس الخارج لأن فلوس تونس ليس لها قيمة خارج تونس لضعف الإقتصاد التونسي.

و على أساس هذا التخمام إقتصاد تونس ضعيف = محتاج للإستيراد = محتاج للعملة الخارجية = ضرورة تأسيس إقتصاد هدفه توفير العملة الخارجية المسمات ب”عملة صعبة”.

العملة الصعبة ( العملات الأجنبية القوية) كانت هدفنا الإقتصادي المقدس و لذا إتجهنا لدعم أكثر قطاع يجيب العملة الصعبة وكانت “السياحة” وين “الأمة التونسية” عمليا ماتنتج حتى شي عندو قيمة إقتصادية كبيرة و تستورد  أدوات العمل. و في المقابل تقدم الترفيه للسياح الأجانب و تحولت الأرض التونسية لملهى للأجانب يستمتعو فيها (الليبية حولوها ل”مبغى”).

هذه العقلية الإقتصادية تخلينا محتاجين للخارج، محتاجين نشرو منو و كيف ما انجموش نشروا نولو نتسلفو منو و هذا يعني إرتهان تونس للخارج.

لو إفترضنا إنو يوما ما أن هذا “الخارج القوي” (أوروبا أو أمريكا أو غيرهم) يعجز على توفير حاجياتنا أو يرفض توفيرهم..
آش عملنا و جا مليح وقتها ؟؟؟؟ 
هل نموتو ؟؟؟ 
هل نتشحتوه ؟؟ أم ماذا ؟؟

العالم يتبدل وضعو يوميا. و لأقل سبب تنجم تصير أزمة عالمية  تتقطع فيها السلع و/أو تنهار الإستثمارات.

مثلا : 
بن علي كان معمل على المشاريع العقارية الخليجية باش تشغل البطالة وعطاهم الأراضي بالدينار الرمزي (أمر جلب معارضة حتى من داخل حزب التجمع) و لكن تجي الأزمة العالمية 2008 (في العقارات) و تفلس إمارة دبي و ينهار كل شي و في ظرف عامين برك ينهار نظام بن علي الي عمل على السياحة و الإستثمار الأجنبي والمشاريع العقارية الأجنبية العملاقة .

مثال ثاني:

في أوت 1990 تبدأ “حرب الخليج الثانية” و هذا نتج عليه عزوف وكالات الأسفار العالمية على إرسال السياح لتونس خوفا من الإعتداءات  الأمر الي خلق أزمة إقتصادية في آخر الموسم و كان مش “الفلاحة” أنقذتنا (عام 1990 كان موسم قياسي و تونس حققت فيه الإكتفاء الذاتي من القمح) و رغم ذلك عملت الحكومة حملت تذلل لجلب السياح من جديد، وماتعلمتش الدرس.

إرتهاننا للخارج يخلينا تحت رحمتو و هكا نتذللولو يوميا، في عالم ماهوش مضمون و في أي لحظة تصير أزمة و تطلع الأسعار و تعيش تونس وضع الإحتياج والفقر.

وحتى لو عندنا كل فلوس العالم كل ذهب العالم وكل جواهر العالم وكل بترول العالم وحتى كل “ثروات العالم”، مدام نحتاجو للخارج باش نشرو منو ” إحتياجاتنا الضرورية الحيوية للحياة و التقدم” فنحن فقراء و ضعفاء و تابعين وثانويين وبلا قيمة ومسلوبي الإرادة إذا فمستقبلنا ضائع.

ولذلك يلزم ننتجو بأيدينا إحتياجاتنا الضرورية والحيوية بمواردنا الذاتية. 

فمنذ العهد الحفصي أي منذ 800 عام و الدولة التونسية تعتمد على الخارج في (منتوجات مصنعة و نقل بحري و استثمار أجنبي في صيد التن وصيد المرجان) و من وقتها و تونس ضعيفة و مغزوة وخاضعة لأوروبا خصوصا فرانسا (بإستثناء فترات قصيرة ظرفية) و لتو ماقررت تونس تعتمد سياسية اقتصادية مبنية على مبدأ السيادة.

نتفكر قبل إنو واحد من الموجهين التربويين كان ينصح في التلامذة انهم يعملو اختصاص صناعات غذائية لأنو دور تونس المستقبلي هو تصنيع الأكلات الجاهزة لأوروبا (الأوروبيين ماعادش يحبو يطيبو لأنو عندهم ما أهم) أي أن الحكومة التونسية تبرمج لصناعات الخدمات لأجل السوق الأوروبية عوض التفكير في إنتاج الإحتياج التونسي.

 بإعتمادنا على “الأخصائيين الاقتصاديين” (القارين في الخارج زادا) المفتقرين تماما لأي “مبادئ سياسية عليا” ولأي رؤى قومية/وطنية و يخممو بكل سطحية في تعديل الميزان التجاري عبر تقديم الخدمات و لو كانت عهرية. 

فإنو هكا أخضعنا الأمة بقيمها و مواردها للرغبات الأجنبية سواء كان الأجنبي دولة، منظمة دولية أو مؤسسة مالية أجنبية و نقعدو من بعد نبكو على الخبزة، قرن الفلفل ولحم العلوش.

 الفكر الإقتصادي السياسي التونسي يفكر ديما في تغطية الواردات عبر دعم الأنشطة التصديرية أو الأنشطة الجالبة للعملة الصعبة ولكنه لا يفكر أصلا في “دعم الإنتاج التونسي”.

و ليس هناك مجهود حقيقي لبناء إقتصاد إنتاجي للحاجيات التونسية. 

و هذا ما يخلينا نفتقدو السيادة الاقتصادية ونبقوا مرهونين للخارج و متأثرين بإضطرابات الأسعار العالمية (أزمة الحليب عام 2008 كمثال).

في تونس تحظى السياحة والإستثمارات الخارجية بكل أنواع الدعم و التسهيلات الممكنة رغم النتائج الهزيلة وحجم خسائر المالية العمومية (جرة الإعفاءات الجبائية) و رغم ضعف الجاذبية التونسية (مقارنة ببلدان أخرى مانجموش انافسوها في ” الرخص” أو في القدرات السياحية). 

بالمقابل نشوفو الأنشطة الإنتاجية في مجالات الفلاحة والصناعة لو لقات الإهتمام و التخطيط السيادي المحكم من أول الإستقلال رانا تويكا دولة متقدمة و ممكن رانا دخلنا “الصناعات الفضائية”.

الحكومات التونسية و من وراها كل النخبة السياسية الاقتصادية خممت كمستوردة/ مشترية/ تابعة وهذا الي أنتجلنا وضع التخلف الفلاحي الصناعي.

التخطيط الاقتصادي التونسي فقد المبدأ السياسي الموجه وفقد الرؤية والطموح السيادي و لذا خمم كتابع للسوق العالمية ورفض إعتبار إمكانات الفعل التونسي.

وما يبقينا متخلفين ضعفاء فقراء و ذلال و رخاص في هذا العالم هو عجزنا على إنتاج حاجياتنا و على الإعتماد على رواحنا في تحقيق أهدافنا مش الإستعانة الدائمة بالخارج.

Visits: 114