مذبحة هنشير الصفصافة بباجة 1943: قوات الحلفاء تعدم التونسيين
أراضي عائلة الفلاح عبد الكريم بن يوسف بولاية باجة: جبهة صراع خفي بين المحور و الحلفاء & بين السياسات الاستعمارية و الحركة الوطنية.
في الفترة التي تحولت فيها البلاد التونسية فجأة إلى ميدان مباشر للعمليات الحربية بين المحــــور و الحلفاء بداية من نوفمبــــــر 1942 و تحديدا حينما كان الجيش البريطاني الأول يتقدم باتجاه محاصرة جيوش رومل على مستوى جبهة الشمال الغربي التونسي؛ كانت أراضي عبد الكريم بن يوسف واقعة على طرفي الجبهة فيم كان هنشير الصفصافة واقعا في آخر الواجهة لدى الأنقليز في حين كان هنشير القـــــريّات واقعا في دائرة نفوذ الألمان أي في المناطق التي كانت قوات المحــــــــور و جيوش الحلفاء تتنازع السيطرة عليها و قد رفض عبد الكريم بن يوسف أن يترك أرضه أو يغادر مقرّ إقامته الريفي رغم إلحاح أهله الذين خيّروا أن يستقر بهم المقام في منزل العائلة بالمدينة .
و ممّا شجّعه على المكوث حيث ينبغي أن يدير أعماله أنّ أربعة من أبناء عمومته كانوا يقيمون بمعية عائلاتهم في نفس المجـــــــال الجغرافي و على مسافات قليلة التباعد فرارا من الغارات التي استهدفت بعض المواقع بباجة المدينة نعني الحــــاج عبـد الله بن يوسف و عبد الرحمان بن الصادق بن يوسف و الصغير بن الحاج منور بن يوسف و عثمان بن عبد الرحمان بن يوسف.
و قد عرف عن عائلة بن يوسف إنخراطهم في الحركة الوطنية إذ قاطعوا المآدب التي دأب المقيم العام بيروطون على إقامتها و لم يشاركوا فيها، و لم يولوا أي اعتبار للمراقب المدني و القايد/ العامل ممثّل السلطة الأهليـة و بالتزامن مع ذلك اشتد الاحتكاك بينهم و بين المعمرين انطلاقا من أواخر العشرينات لمّا ركّزوا نشاطهم الفلاحي على الوقوف في وجوه المعمرين بتشغيلهم للعمّال التونسيين الذين كانوا يتعرّضون لاضطهاد الأجانب و مزاحمتهم و منافستهم في المزادات ، وقد كانت أشهر نزاعاتهم العقارية النازلة بين عبد الكريم بن محمد بن الحاج منوّر بن يوسف ضد لوباز وهو معمّر بوادي الزرقاء.
ذلك النزاع الذي خسر فيه المعمّرون رهانهم ضدّه بعد أن نجح في إقامة دعوى ضد المعمّر المذكور الذي أراد التراجع في إتمام إجرائات بيع ضيعته للفلاح التونسي بعد أن كان قد فوّت له فيها مستغلا مناخ القمع الذي عمدت السلطات الاستعمارية تسليطه على الشعب التونسي خلال حكم الماريشال بيتـــان نتيجة لما عبّر عنه غالبا من ميول نحو قوات المحور على إثر انهزام فرنسا و اجتياح القوات النازية لترابها ، و تمكّن من كسب القضية ممّا زاد في تكثيف المشاعر العدائية نحوه .
المجــــــــــــــــــزرة:
كان التنازع بين المحور و الحلفاء على أشده و كانت اراضي “عائلة بن يوسف” مركز هذا الصراع و قد إستغل الإنڨليز و الفرنسيس الوشايات الكيدية بالتعاون مع الالمان ليقوم المراقب المدني روبار كليمون و الجنرال ألفراي أندرسون قائد الجيش البريطاني الأول باتخاذ قرار عسكري تعسفي بإعدام كلّ من يكون حاضرا باراضي العائلة من الذكور رميا بالرصاص دون تحقـيـــق و لا محاكمة .
يوم 11 مارس 1943 كان 1500 جندي أنقليزي من الجيش لبريطاني الأول الذي اشتهر بكرهه للأهالي و حقده عليهم و سلوكاته الاستفزازية نحوهم يحاصرون المكان حيث قاموا بتمشيط كل المباني بحثا عن وثائق و خرائـــــط مزعومة لم يجدوا لها أثرا ، و لمّا أعيتهم الحيلة بادروا بإيقاف كلّ من وجـــــــد بالضيعة من الذكور ، و على شفا قـــــليب أعدّ للغرض تمّ تنفيذ الحكم الأعمى بالموت رميا بالرصاص في عشرة أشخاص، تسعة منهم تونسيون و عاشرهم مغربي ، هم كلّ من :
عبد الكـــريم بن محمــد بن الحاج منوّر بن يوسف (42 عاما)، فلاّح .
محمد منوّر بن الصغير بن الحاج منوّر بن يوسف (30عاما) ابن عم عبد الكريم .
الطاهـــــــر بن الصغيّر بن الحاج منوّر بن يوسف (25عاما) شقيق عبد الكريم.
نـــور الدين بن عثمـان بن عبد الرحمان بن يوسف (17عاما)، طالب .
محمد الكــــــــوشادي ، رئيس العملة .
منـــور بن الصغير الجعيدي ، عامل
فرحات بن الصغير الجعيدي ، عامل ، شقيق منـور .
حمــيدة بن منصور ، عامل .
حامد بن مبروك بن أحمد الطبوبي ، عامل .
حارس ليلي مغربي الجنسية.
و جالت أيادي الجنود في الضيعتين نهبا و إتلافا و حرقا و لم ينسحبوا إلا بعد أن أصرّوا على ترك الشهداء العشرة في العراء لمدّة يومين بلياليهما و تهديد كلّ من تسوّل له نفسه مواراة جثمان أي واحد منهم الثرى .
و في صبيحة يوم 12 مارس أسلم الصغير بن الحاج منور بن يوسف الروح قهرا بعد أن كان قد فقد ابنين له في اليوم السابق و ظلت زوجته السيّدة خديجة بنت عبد الرحمان بن يوسف تواجه هذه النكبة بمفردها ثمانية وأربعين ساعة.
و لم تنج الضيعـــــــات الموجودة في الجوار من الانتهاكات إذ تمّ تمشيــطها بالكامل و صدرت الأوامر باقتياد كلّ نزلائها من النساء و الرجال و الأطفال مشيا على الأقدام لعرضهم على مركز الفرز بمقرّ المراقبة المدنية بباجـــة و لم يسلم من هذه الإجرائات المهينة و الحاطّة بالكرامة حتّى قاضي البلد محمد الأمين السعيـــّد.
اي نذل يحكيلك اليوم على صلح مع فرنسا و ان الماضي مات ذكره بهنشير الصفصافة ذكره بروبار كليمون الذي حرض على المذبحة … ذكره بـجثامين التونسيين المعروضة في العراء ..ذكره بقهرة الصغير بن الحاج منور بن يوسف و لوعة خديجة بنت عبد الرحمان بن يوسف …
اي نذل يحكيلك اليوم على صلح مع فرنسا ذكره بتمثيل فرنسا بجثث اجدادنا … اي نذل يحكيلك اليوم على صلح مع فرنسا اجبه بان ثأرهم دين في رقبتك لن ينقضي طالما ما تزال فرنسا تحكم باحكامها في هذه الدولة و طالما لم يقع تجريم الاستعمار الفرانسي لبلادنا و إلغاء كل النصوص الممجدة لهذا الاستعمار و جرائمه في فرنسا بالذات.
المصدر:
– محاضرة بعنوان خانات منسية في مدارات الذاكرة الوطنية مجزرة هنشير الصفصافة مثالا للدكتور زهير بن يوسف.
– كتاب تونس الثائرة ل علي البلهوان.
Views: 3480
اين يقع هنشير الثقافة بباجة؟؟
لا نعرف الموقع بالضبط