المجتمع التونسي يفقد آليات إنتاج القادة.. علاش؟
في كتاب قادة المقاومة المسلحة في البلاد التونسية للكتاب محمد الدبوسي، يورد المؤلف تحليلا لسيرة عدد من قادة المقاومة المسلحة التونسية سنة 1881 و فيه توضيح للصفات التي كانت تؤهل بعض الأفراد لتبوؤ مناصب قيادية.
من أهم هذه الصفات:
۩ الفروسية: هنا ما نعنيوش فقط القدرة على إمتطاء الخيل و المناورة بها فقط ،في ظرفية سنة 1881 كانت مهارات الفروسية معطى بديهي عند غالبية الشعب التونسي، بل تشمل الفروسية مجموعة من القيم: المهارة،الطاقة البدنية و الذهنية، الحكمة، الأمانة، الإقدام، الثقة بالنفس. {الشجاعة}.
۩ الثروة و الجاه: هنا مانعنيوش فقط جانب امتلاك الثروة بل القدرة على الإنفاق في الصالح العام : تجهيز الأيتام لحفلات الزواج أو الختان، الإنفاق على البنى التحتية: حفر الآبار (مثال بير علي بن خليفة) بناء الأبراج. {الإستقلال المالي} .
۩ العلم و المعرفة: المعرفة تلم الموروث الشفاهي: المعرفة بالأصول، القواعد، الأنساب، حفظ و تلاوة القرآن الكريم؛ و كذلك حذق القراءة و الكتابة. {الثقافة}
إذا في القرن السابق كان المجتمع التونسي القبلي في غالبه مهيئا لإفراز زعامات و إلا قيادات عبأته في مرحلة مقاومة الاستعمار الفرنسي مدة 03 سنوات من 1881 ل 1884. فما الذي حال دون توصل المجتمع التونسي الحالي/المعاصر لآليات تخوله من إنتاج القادة ؟
۞ محاولــة في الفهــم آليات صناعة القادة في المجتمع التونسي :
في مرحلة الإستعمار الفرنسي شهد المجتمع التونسي تحولا هيكليا مهما من الهياكل التقليدية نحو هياكل جديدة فبرزت أشكال جديدة للتنظم و التنضد الإجتماعي و تغيرت الهياكل القديمة و إكتسبت نفسا جديدا.
من هذه الهياكل نذكر:
-
الأسرة: الخلية الأساس في المجتمع يكتسب فيها الفرد مجموعة من الصفات النفسية خاصة تهيئه للإندماج في المجتمع.
-
المدرسة: المدرسة مسؤولة عن إكساب الطلاب الأخلاق الحميدة والقيم السليمة المتناسبة مع قيم و عادات المجتمع وتقاليده، و عن تنمية قدرات واتجاهات إيجابيّة للمتعلمين نحو الجوانب المختلفة للحياة.
-
الشركات: هي شكل من أشكال تنظيم الأعمال يلتزم بمقتضاها أطراف متعاقدة بمجموعة إلتزامات هدفها توفير الربح لهذه الأطراف.
-
الجمعيات: هي من أشكال تعبئة قوى المجتمع لهدف تحقيق أهداف غير ربحية.
-
النقابات: هي جمعيات مهنية تشكل لأغراض المفاوضة الجماعية بشأن شروط التشغيل أو ممارسة بعض المهن.
=> يفتقد المجتمع التونسي لآليات إنتاج القادة و هذا يعني وجود خلل في الهياكل المذكورة فالأسرة لم تعد تقدم للفرد التنشئة القيادية و كذلك المدرسة و باقي النسيج المجتمعي فأين يكمن الخلل في نسيج المجتمع التونسي ؟
۞ الإستبداد السياسي و نكبة المجتمع التونسي :
الاستبداد من حيث هو تصرف غير مقيد وتحكمي في شؤون الجماعة السياسية، يبرز إرادة الحاكم وهواه، ولا يعني بالضرورة أن تصرف الحاكم ضاغط بعنف على المحكومين، غير مبال بقواعد العدل والإنصاف و القانون إلا أن هذا التصرف ينتج عنه حالة سياسية تخترق المجتمع بالكامل وتجعله امتداداً لسلطتها، وتحقق بذلك الاحتكار الفعّال لمصادر القوة والسلطة في المجتمع.
حالة الإستبداد و الطغيان السياسي شلت كل أشكال التهيكل صلب المجتمع و حولتها لأشكال ينفر منها المجتمع و يتفادى التعامل معها و كرست منظومة الإستبداد السياسي مجموعة من القيم المتضادة مع مفاهيم القيادة أهمها:
-
الإنقيادية: الانقيادي هو من لا يحب الصفوف الأمامية أو المقدمة و لا يريد أخذ المسئولية الأولى.
-
اللامسؤولية: يتفادى اللامسؤول مواقع المسؤولية و يرمي بالمسؤولية على كاهل الآخرين.
-
اليأس من التغيير: الشخصية اليائسة غير قادرة على المبادرة أو المثابرة ، بل ينهزم سريعاً أمام أية مصاعب وييأس بسرعة.
۞ إجابة على سؤال ما العمل ؟
كقوميين تونسيين فإننا نتعامل مباشرة مع هذه المعوقات التي ذكرناها و لا يعني نقدنا إياها تنصلا من مسؤوليتنا في علاجها و توفير آليات بديلة لتطوير مهاراتنا القيادية و لتوفير مخبر لإنتاج عقلية قيادية/قادة صلب مجتمعنا.
غاية القومية التونسية هي تأصيل ذاتها صلب المجتمع التونسي قصد بناء ذات تونسية منيعة توجد فيها ارادة للفعل و العمل للقيادة : قيادة التونسيين نحو قمة التقدم و الرقاء و قيادة الأمم و إحتلال مركز الصدارة فيها.
من غاياتنا بناء ذوات فاعلة شجاعة، مستقلة ماديا و فكريا، و تمتلك المعرفة و إرادة القيادة و الفعل و هذا هو برنامج عملنا و هذا الأفق الذي اخترناه لعملنا في مرحلة التيار الفكري، الجمعية و إن شاء الله الحزب.
Views: 299