قبل محاسبة النخبة .. شكون هي النخبة ؟

قبل محاسبة النخبة .. شكون هي النخبة ؟

نكبتنا في نخبتنا.. قولة درجة فترة ما بعد الثورة، تعبّر بصراحة عن موقف بارشا توانسا مما يُسمّى بالنخبة الحالية في تونس، كلامهم صحيح إلى حدّ ما، فلّي نصّبوا أنفسهم في موقع النخبة و تقمّصوا شخصيّتها بكلّ رداءة، و فرضوا رواحهم على التوانسه إعلامياً و ثقافياًو نقابياً و سياسياً، عمليّاً ما أضافت شيئ للدولة من ناحية السياسة الإقتصادية أو الدفاعية أو الثقافية أو ساهمت بإصلاح الإدارة أو النهوض بالقطاعات الإقتصادية الحيوية المنتجة كيما الصناعة و الفلاحة.

 

هي فئة طفيليّة ما راش منهم التونسي إلا الخوض في مسائل و مواضيع ما عندها حتى علاقة بمواجع التونسي و تطلّعاته على المدى القريب أو البعيد، و إذا ناخذوا التعريف الصحيح للنخبة، نلقاو انو ما عندناش نخبة أصلاً، باش تكون نكبتنا فيها .

 

النخبة، ما تعنيش المثقفين، و ما تعنيش الناس الي تظهر في الإعلام و المنتدايات و تحكي بكلام صعيب ما يفهموش عامة الشعب، النخبة ماهمش الي يفهموا في كلّ شيء و يحكيوا في كلّ شيء، بالعكس . و النخبة ماهيش بالضرورة طبقة متضاربة في فكرها و ثقافتها مع الوعي الشعبي السائد، النخبة إمّا تكون مجهولة أو عندها القبول لدى الأمة و معترف بأفضالها .

 

هنا لازم نحدّدوا، شنيا وظيفة النخبة بالظبط، النخبة هي فئة متغييرة مع كلّ جيل، فالجيل الحالي عليه صناعة نخبة المستقبل الي باش تحمل مسؤولية قيادة الأمة و المحافظة على الدولة و تطويرها من بعده .
النخبة هي فئة من العباقرة متعددي الاختصاصات، هوما الناس الي ديما تضيف الجديد في جميع الميادين حسب الاختصاص، هي الفئة الي تثري و تنمّي المخزون الثقافي للأمة، هي الفئة الي تسطّر نظريات للسياسة الإقتصادية متغيرة حسب الظرفيّة الداخلية و الدولية، هي الفئة الي تحطّ خطط ناجعة و بعيدة المدى للسياسة الخارجية، هي الي تلقى مخرج من الأزمات الإقتصادية الطارئة، هي الفئة الي تخترع و تكتشف،هي اليّ على أساس نظريّاتها ندعّموا الصناعة و الفلاحة، هي اليّ تحطّ الخطط و البرامج المتجددّة للمنظومة البيداغوجية، وهي الي تسعى ديما باش الإدارة التونسية تكون عصرية و ناجعة و ذات معايير دولية، هي الي تحطّ خطط للسياسة الدفاعية الملائمة على هذكا النخبة ينجّموا يكونوا فيها عسكريين .

 

النخبة ماهيش الإعلاميين، ولا الفنانين ولا الأساتذة الجامعيين، النخبة ما عندهاش مجال محصور، النخبة تجمع العباقرة من الأطباء و العسكريين و المهندسين (على إختلاف إختصاصاتهم) و الباحثين و الأدباء و الفنانيين، هي بإختصار تشمل كلّ من يأتي بإختراع أو بنظريّة أو مشروع يُثبت فعاليته و نجاعته في مجال أو قطاع معيّن و تخليّه متفوق على الصعيد الإقليمي و العالمي ، و هذا الي ماعندناش منو في تونس، عندنا كان الناس الي تحكي ثم تحكي ثم تحكي …

 

على هذكا النخبة، ماهيش الناس الي تخرج كل ليلة في البرامج التلفزية، ماهيش الناس الي تحكي في كلّ شيء، النخبة هي الناس الي تخدم ليل و نهار باش تقدّم بالدولة، و موش بالضرورة تكون وجوهها معروفة، و نفس الشيء موش بالضرورة تحكمها الإيديولوجيا.
و هذا اليّ يخلي ما يُسمى بالنخبة حالياً تمتاز بغباء مزمن و قصر نظر رغم إدعائها الثقافة و الإلمام بالعلوم، لأنهم سبّقوا الإيديولوجيا على امعرفة، و القراية الي قارينها من وجهة نظر إيديولجية موش علميّة براغماتية، و بالتالي ثقافتهم المزعومة ماهيش مبنية على أساس عقلاني و إنما إيديولوجي متعصب، و فوق هذا مستورد يكرّس التبعية الثقافية و السياسية و الإدارية لأطراف إقليمية و دولية مختلفة .
تلقاهم يحكيو على صورة تونس في عيون الخارج، و ناسين تونس في عيون أولادها، يحكيو على حقوق الأجانب و ”الأقليات” و ناسين أولاد البلاد، يستعملوا في مصطلحات غريبة علينا و يخوضوا في قضايا و ظواهر إجتماعية ما تعنيناش و عمرها ما توجدت في مجتمعنا و يُقحموا فينا في مشاكل مُفتعلة ما تهمناش و ماهيش موجودة أصلاً في الواقع التونسي، قاموا بتشويه المجتمع التونسي على منابرهم الإعلامية و ساحاتهم الفنية و حولوه إلى مسخ لا تفهمو تونسي ولا مصري ولا فرنساوي ولا سعودي ولا إيراني . تأثرهم بمجتمعات معينة خلاّتهم يتبناو عقلياتها و يجيبولنا مشاكلها و أمراضها .

 

توّا إذا نحبّوا نبحثوا عن النخب التونسية، نلقاو شطرها ناس حطّمها النظام و ما عطاهاش فرصتها باش تنفع بلادها، هي الأدمغة المهاجرة، هي الناس الي جابت إختراعات و نظريّات إقتصادية و تمّ تجاهلها، في حين إحتظنتها دول أخرى و أعطتها إمتيازات و وفرتلها ضروف العمل و الإبداع، هي كل عالم و كل شاب عبقرى تونسي خرج بإختراع و بدراسة علمية و وقع تسكير البيبان في وجهو … (البشير التركي) صاحب المشروع النووي التونسي، (عزوز بوشوش) صاحب مشروع الطيران بدون طيار، و غيره من العلماء و العباقرة الي تمّ ردمهم و تجاهلهم .

 

عمليّاً، النخبة التونسية إنتهت منذ السنوات الأولى بعد الإستقلال، النخبة إنتهت مع الناس الي نظّرت للإستقلال و قادة معركة التحرير (على باش حامبه – علي البلهوان – الطاهر صفر …) ، إنتهت مع آباء الحركة النقابية التونسية (محمد علي الحامي – بالقاسم القناوي – فرحات حشاد …)، إنتهت مع أصحاب روائع الأدب التونسي بإختلاف تصنيفاته (الشاذلي خزندار – محمد قبادو – أبو القاسم الشابي – علي الدوعاجي – البشير خريف …)، إنتهت مع الناس اليّ أعادت بناء الجيش الوطني التونسي (الرائد محمد البجاوي – الجنرال محمد السوسي …) …. و منذ السبعينات تقريباً الأمة و الدولة التونسية عايشة بلا نخبة، و البارز اليوم على الساحة شويّة مهرجين تكذب على التوانسه.

 

الأمة التونسية، مطالبة بإعادة إفراز نخبتها من جديد، النخبة ذات الثقافة التونسية موش الفرنكوفونية أو المشرقية، النخبة الي فاهمة المجتمع التونسي عندها الثقة فيه، و تنجم تعبر عليه، و قادر تأثر فيه، تعرف أعداء تونس ، و متفطّنة لمواطن الأزمة الحقيقية في الدولة، … و هي القادرة على قيادة المرحلة التحرّرية الجديدة و بناء الجمهورية التونسية من جديد .

Views: 6