إنتفاضة الودارنة ضد المستعمر الفرنسي 1915

إنتفاضة الودارنة ضد المستعمر الفرنسي 1915

 إنتفاضة الودارنة أو “ثورة الجنوب” من أهم أحداث المقاومة الشعبية بتونس ما بين 1883 و 1915.
تمت هذه الإنتفاضة في ظروف الحرب العالمية الأولى و عقب إنتصاب الإستعمار الإيطالي بطرابلس. لكن العوامل الداخلية و تضرر قبائل الجنوب الشرقي من إحكام القبضة العسكرية الفرنسية على الجهة كان المُحدد في الإنتفاضة.

و قد سبقت الإنتفاضة إجتماعات سريّة تحضيرية بين أعيان عروش أولاد دبّاب و أولاد شهيدة و الكراشوة و الجليدات و الحميدية … تزعّمها {سعيد بن عبد اللطيف} كبير أعيان الودارنة و العضو بالجمعية الشوريّة و أخوه {علي بن عبد اللطيف} شيخ أولاد دبّاب و {عمر الأبيض} شيخ الكراشوة.


و قد إنطلقت المناوشات الأولى بين العروش الثائرة و من إلتحق بها من قوات المخازنية و القوميّة و بين القوات الفرنسية في بداية سبتمبر 1915. و قد شهد هذا الشهر عدّة وقائع أهمها واقعة المرطبة 13 سبتمبر.

و كانت ساحة المعارك تشمل كامل المجال من ذهيبة إلى تطاوين و جانب من الحدود الطرابلسية. و من أهم المعارك التي خاضها الثوار معركة ذهيبة، معركة ظهرة النصف، معركة أم صويغ، معركة نكريف (9أكتوبر 1915) التي إستشهد فيها شيوخ أولاد دبّاب الحاج { سعيد بن عبد اللطيف} و أخيه…

و قد عمدت فرنسا إلى القضاء على الثورة لإعادة تنظيم المناطق العسكرية و أحدثت “اللواء الصحراوي لتونس” و أرسلت تعزيزات كبيرة للمنطقة و إستعملت سلاح الطيران بكثافة ضد مواقع الثوار و قراهم. و قام الجيش الفرنساوي بإجراءات إنتقامية ضد العروش الثائرة من هدم للقصور و نهب للمحاصيل و القطعان و رمي الأسرى الودارنة بالرصاص و إصدار 49 حكماً بالإعدام ما بين 1916 و 1917 على الثوار و إستصفاء ممتلكات الأهالي الثائرين و عقاراتهم.

و لئن لم يُفلح الثوار في صائفة 1916 في إقتحام تحصينات العدو فإنّ حرب العصابات تواصلت حتى أواخر 1917.
و في الواقع فإنّ مصير إنتفاضة الودارنة يكاد يكون معلوماً منذ إنفجارها نظراً لتفاوت القوى عسكرياً و طابع الإرتجال و عدم التنظم المُحكم في صفّ الثوار و تخليّ حليفهم الأساسي {خليفة بن عسكر} عنهم (جوان 1916) و الثقة المُبالغ فيها في نوايا الأتراك و الألمان المُعلنة لدعم الثوار.

إنّ القضاء على ثورة الجنوب لم يمنع تواصل المقاومة المسلحة في شكل أعمال فردية أو عصابات قليلة العدد تتعرّض لأفراد الإدارة العسكرية و أعوانها في أعمال بطولية من سنة1915 إلى1924. من هؤلاء يمكن ذكر :
” {بلقاسم بن ساسي}، {لمبروك الكمايلي}، {عمر الغول}، {عريفات القطوفي}، {لملوم القطوفي}، {سعد فريعيس}، {محمد بن مذكور}، و لعلّ أشهرهم {محمد الدغباجي}. 

*المصدر: محمد المرزوقي، معارك وأبطال

Views: 182