رمزية حمودة باشا الحسيني للقوميين التوانسة

رمزية حمودة باشا الحسيني للقوميين التوانسة

يصر السواد الاعظم من الأكاديميين و السياسيين على إعتبار فترة “احمد باي” فترة الإصلاح و إنطلاقة التحديث في تونس الحسينية و أوج هذه الدولة و قمة مجدها و الإصرار هذا نتج عليه ربط مجد المملكة/الأمة بفترة هذا الباي و إعتماد مقاييس مثل: إلغاء العبودية و سن عهد الأمان و سن الدستور، كمعايير لرقي النظام السياسي و الإداري و قوة الدولة و منعتها؛ إلا ان هذا الطرح لا يصمد أمام الدراسة العادية و المتأنية لتاريخ الدولة الحسينية.

كقوميين تونسيين فإن تبني فكرة “الأمة التونسية” ماكانش فقط مجرد شعور/نفحة/ردة فعل/إيمان بل هو نتيجة معرفة، و لو سطحية، بتاريخ تونس و دراسة مستفيضة ليه و لتفاصيله في مرحلة ثانية & الدراسة هذي عمقت إيماننا بالأمة التونسية و خلاتنا نكبشوا في شخصية <<حمودة باشا الحسيني>> كشخصية محورية و رمزية في التاريخ التونسي و نتفطنوا لكون ثنية القومية التونسية و غايات مشروعها السياسي تتماثل مع مشروع <<حمودة باشا الحسيني>>.

علاش ؟

أولا،

تونس قبيل حمودة باشا كانت شكشوكة إدارية: عدد كبير من الخطط و المناصب و الموظفين و فساد كبير في الإدارة و في الجباية بشكل خلا عجز كبير في الميزانية إلي تتصرف في ما لا يعني: أجور و استهلاك و كان فما غموض كبير في حدود السلطات و نفوذ شاغلي الخطط الكبيرة و الوضعية هذي تشبة برشا للوضعية الحالية للجمهورية التونسية.
و قد نجح الباي في تحويل الإدارة التونسية في عهده من عبئ إلى جهاز كفؤ و فاعل عبر إجراء واضح: توحيد سلطة الحكم في يده فمرجعية كل الإجرائات تعود بالنظر للباي و ليس للداي الدولاتلي أو الباشا او القايد …

ثانيا،

تعدد مراكز السلطة في الجهاز الاداري و السياسي يعني وجود ولائات متعددة لشاغلي المناصب الإدارية و الولائات هذي كان عندها دوافع سياسية و إيديولوجية فالإدارة التونسية عانات من وجود فئة “تركية” ترغب في التفرد بالحكم و ترى في نفسها أهلية و تفوقا على التونسيين، الكوارغلية المنحدرين من اب تركي و ام تونسية، الاتراك المولودين في البلاد، باقي العثمانيين غير الاتراك: اليونانيين، الارناؤوط، البشناق & الفئة هذي تحب تركز في البلاد التونسية نموذجا مقاربا للنموذج المتبع من قبل دايات الجزائر و كانت من انصار اوجاق الغرابة في كل عمل ليهم ضد كرسي تونس.


وجود حمودة باشا و تقلده سلطة الحكم بصفة مطلقة إصطدم بهذه الفئة و صرامته في التعامل معها و عدم تساهله مع الولائات الأجنبية مكناه من النجاح في تونسة جهاز الإدارة: و إعدام “إسماعيل بن يونس” بعد ثبوت تخابره مع دايات الجزاير رغم إنتمائه للعائلة الحسينية / عزل “إسماعيل كاهية الڨرجي” رغم علاقة المصاهرة بينه و بين الباي / قمع ثورات الجند الانكشاري و من اشهرها ثورة 1811 و تعيين عدد من التونسيين من قبيل “احمد بن عياد الجربي” و “حمودة بن عبد العزيز” و “يوسف بيشي” و “إلياس عتال” أو المماليك مثل “يوسف صاحب الطابع” او الاوروبيين معتنقي الاسلام او حتى المسيحيين مثل “ڨاريدان باشي” الإيطالي الذي اسلم او الحكيم “فرانك”.

ثالثا،

ترشيد الإدارة عبر تقليص عدد الخطط نشأ عليه جهاز اداري فعال : الرحالة و القناصل يؤكدوا إلي المعاملات الإدارية التي تقتضي توفير 100 موظف في درجات عدة في اوروبا ما تقتضي في تونس كان وجود 06 أو 07 موظفين و مستكتبين على أقصى تقدير & فعالية الجهاز الاداري مكنت من وضع جهاز رقابي فاعل يشرف عليه الباي و يبت في الاشكالات بين الرعية و الموظفين و ينقض في احيان كثيرة إجرائات الإدارة و يعاقب القياد و الجباة المتعسفين.

حمودة باشا كان ضامن لمرفق العدالة و مراقب لاهلية و كفاءة الادارة و أهم من ذلك صيانته و حمايته لمصالح التونسيين، حيث راجع النظام الجبائي بالتخفيف و هذا ما نتج عنه فائض مالي وجه للإستثمار في الفلاحة و في الحرف.

لكن يبقى أهم إنجاز للباي هو نجاحه العسكري ضد: البندقية، طرابلس و الجزاير & تعتبر هذه الإنتصارات تتويجا لسياسة عسكرية قضت بتونسة الجيش و التعويل على فرق جديدة: الحوانب و الصبايحية و المزارقية و زواوة (المجندين من جبل زواوة او من جبل وسلات) و فرسان المخزن و المتطوعة

&

و بتعصير البنية التحتية للجيش من قشل، تحصينات، موانئ في تونس، باردو، منوبة، غار الملح، الحمامات، الكاف، جربة

كذلك إيجاد مشروع تصنيع عسكري تونسي: تطوير مصنع “دار البارود” في القصبة و توسعته و زيادة طاقته الإنتاجية.

&

إنشاء “دار المدافع” لسبك و صب المدافع و هي في الحفصية و تطوير طاقتها الإنتاجية عدة مرات

&

انشئ الباي دار لصب قذائف المدافع في القصبة.

&

تحويل ترسخانة غار الملح لميناء حلق الواد و إنشاء دار لصناعة السفن بميناء تونس وقد اشرف عدد من الشخصيات التونسية على هذه المشاريع مثل “محمد العربي زروق” (غير العربي زروق الشهير في عهد الصادق باي) و “إمحمد طاطار” و “محمد بوثور” و “بلحسن علي الشفي”.

في بلادنا عام 2018، الادارة متخلفة و العائلات و العشائر السياسية بيوعة و الكرامة التونسية معفوسة تحت الساقين و الإرادة التونسية في الحضيض و حالة كاملة من فقدان الأمل و اللامبالاة و الاستهتار و الذروح & القومية التونسية في مواجهة هذا الواقع لقات روحها تستلهم من تجربة مماثلة تجربة “حمودة باشا” إلي برغم كل الظروف المعادية نجح بش يحول تونس من وضعيتها الوضيعة لبلاد سيدة و محترمة و قوية و بقا ذكر حمودة في الذاكرة الشعبية :


من بعد حمـــــــــودة ☆ نقمة للكفـار عـز جنــــوده
بمدافعه وعســــــــــــــــــــاكره ☆ و بـــــــــــــاروده

و القومية التونسيه غايتها و هدفها ان تعز تونس و تمكنها من اسباب المناعة و التقدم و القوة.

Visits: 153