معركة قبرار ضد جيش الإستعمار 2 أكتوبر 1954

معركة قبرار ضد جيش الإستعمار 2 أكتوبر 1954

معركة جبل ڨبرار اندلعت غرة أكتوبر 1954 دارت رحاها بين جبلي المطلق والخشم بمعتمدية الرّقاب ولاية سيدي بوزيد، واشتبكت مجموعة من المقاومين مع الجيش الفرنسي وأسفرت عن سقوط 6 شهداء.

قائد المجموعة الشهيد محمد العكرمي (شهر بشلولة) ولد سنة 1922، كان من عائلة ثرية رجل ترك رغد العيش و الثراء و لبى نداء الوطن. إلتحق بالثورة المسلّحة ليكوّن فرقة قوامها 67 مقاوما ويشتبك بها مع قواّت المستعمر يوم 01 أكتوبر 1954 بجبل الخشم و تتواصل المعركة يوم 02 اكتوبر 1954 بجبل قبرار بعد أنسحابهم إليه.

و بإعتبار الإختلال في موازين القوى كقوّة العتاد و المدفعيّة و وإستخدام القصف بالطائرات و التفّوق العددي لقوّات المستعمر التى ضيّقت الخناق على المجاهدين ليستشهد 6مقاومين في سبيل الوطن فى نفس اليوم و إلتحق بهم مجاهد آخر متأثرا بجراحه بعد أربع سنوات إضافة إلى إصابة 04 جرحى كتبت لهم النجاة.

*أسماء الشهداء:

محمد العكرمي

المبروك بن التومي صياحي

محمد علي بن الصغير

عمر بن بلڨاسم بن خليفة صالحي

محمد بن بلڨاسم عبيدي

العربي بن محمد علي.

رحم الله شهداء الوطن

قائد المجموعة الشهيد محمد العكرمي

شهادة أم السعد في يوم معركة

قالت محدثتي “أم السعد”:

“كانت الشمس تميل الى المغيب وكنا نستعد للافطار في يوم من ايام رمضان حتى بلغنا نبأ استشهاد مجموعة المجاهدين اولاد حفوز.

نزل الخبر علينا نزول الصاعقة ونسينا اننا على صيام وبات الجميع على الطوى ووصلنا النهار بالليل حزنا وألما على جسامة هذا الفقد. لقد تمكن العدوّ من الإيقاع بمجموعة المجاهدين اولاد حفوز والدور آت علينا لا محالة…

ثم صمتت محدثتي وكأنها تسترجع شريط ذلك اليوم الحزين لتضيف قائلة”.

ولم يطل انتظارنا فما إن أطل صباح اليوم الثاني حتى زحفت جحافل الجيوش الفرنسية تدعمها المدرعات والطائرات واحسسنا أن الخطب جسيم وأن المكروه واقع بنا لا محالة وقد كان أزيز الآليات الحربية يصم الآذان ويبعث الرعب في النفوس.

وتوجهت تلك الآليات نحو جبل قبرار أين تحصن الثوار بقمته وتمركزوا هناك لصد هجوم المستعمر بقيادة المناضل الفذ محمد بشلولة. ثم انطلقت المعركة وكنا نشاهد دخان القصف يتصاعد من بعيد وقد اختبأ اغلبنا وراء الأشجار والصبار لمتابعة المعارك عن بعد وقلوبنا ترتجف لا خوفا علينا فحسب بل على اخوتنا الثوار الذين حاصرتهم قوات العدوّ ومنعتهم من الوصول الى عين الماء أسفل الجبل.

وتواصل اطلاق النار من الجانبين الى حدود منتصف ذلك اليوم. وقد استطاع المستعمر الغاشم احكام قبضته على المقاومين وتمكن من النيل منهم معتمدا على تفوقه العسكري رغم ما ابداه الثوار من بسالة وصمود في تصديهم لتلك الآليات الحربية الحديثة معتمدين على أسلحة قديمة تركتها الجيوش الالمانية عند مرورها ببعض تلك الربوع.

وكان بعض الأهالي ينقلونها اليهم سرا على ظهور الحمير والبغال من منطقة الحاج قاسم. وعلى الرغم من قلة العدة والعتاد إلا أن إرادة الثوار كانت أقوى في مواجهة العدوّ والتصدي لأسلحته المتطورة وعتاده القوي وواصلوا اطلاق النار حتى انتهاء الذخيرة أو الاستشهاد في قمة الجبل الذي بقي مضرجا بدمائهم الزكية.

كانت محدثتي تتوقف بين الفينة والأخرى عن الكلام لتفسح المجال لخيالها يستجمع شتات صور ذلك اليوم الجلل التي وإن مر عليها من الزمن ما يفوق النصف قرن فإنها ما تزال تحتفظ في ذاكرتها بعديد التفاصيل التي تجود بها علينا في قولها”.

كانت الطائرات المعادية قد رصدت مواقعهم فقصفتهم بوابل من الرصاص أرداهم قتلى…عندها انسحبت القوات الفرنسية معلنة انتصارها تاركة خلفها جثث الشهداء منتشرة على قمة الجبل لتشهد على ملحمة صمود لا تمحى ذكراها من مخيلة أهالي المنطقة الذين سارعوا لإنزال جثث شهدائهم ودفنها أسفل الجبل وثم إخفاء قبورهم حتى لا تتفطن إليها القوى الغاشمة. وإن ظل ذلك اليوم يذكره الأهالي بطعم المرارة على من فقدوهم فإنه لا يخفي اعتزازهم بالقائد محمد بشلولة ورفاقه الذين أصبحوا رمزا لكل أهالي المنطقة شيبا وشبابا.. وختمت أم السعد حديثها مرددة إحدى الأغنيات القديمة بعد ان استعادت بهجتها واحساسها بالفخر رغم مرارة الهزيمة…”.

*هذه الشهادة منقولة، ولم نجد الكاتب الأصلي للنص.

نصب تذكاري يخلد ذكرى المعركة

شعر شعبي قيل في المعركة

وقد مثّل الشعر الشعبي في المعركة سندا تاريخيّا مهما كشف عن أحداث المعركة بجزئياتها، اذ نقل التوهامي الهاني هذه الأبيات في كتابه “قمودة تاريخها و أعلامها” ، ص132:

نْهَيِّرْ بَشْلُولَة و مِتْيَصِّلْ __ مِنْ سَـــاسْ فحُــولَــهْ.

بَشْـلُـــولَـة حَــــــارْ __ بَشْـلُولَة بُـوعْصَابَة حَــارَ.

نْــهَـارِيــنْ مْعـَـاهِـمْ __ والثَّالِثْ بِالــحَبْ شْوَاهِمْ.

كــَـافِـرْ عَــــڨْــدَاهْ __ ضَرْبُو بِالمُـــوزِرْ تَـكَّــــاهْ.

وِلْــدْ أُخْـتُــه حْــذَاهْ __ خَرْخَطْ لُعْصَـابَة غَضْبَــانْ.

و نَوِّضْ فِي عْـڨَابُو لُعْمَـــارْ.

وقد أشادت هذه الأبيات بشجاعة وإقدام القائد محمد، فقد مثل مفخرة لأهله وعشيرته، كما سردت لنا قصّة استشهاده، في المعركة التي استمرت لمدّة يومين في جبل قبرار، يقاتل فيهما جيش الاحتلال الفرنسي، حيث يروى أن القائد تمركز مع مجموعة المقاومين في موقع واحد وظلّ صامدا في نفس المكان إلى أن استشهد، وبدت الحركة التي قام بها ابن أخته في إطلاق الرصّاص اثر استشهاد القائد بشلولة، حركة رمزيّة ذات دلالة معنويّة توحي بمواصلة النّضال والحرب ضد العدو مهما كانت الخسائر.


  • صورة الغلاف: تم إلتقاطها سنة 2020 بعدسة الأستاذ محمد رابح في قبلي.

Views: 340