دحض حجج مبرري القروض الأجنبية
عندنا أكثر من 150 عام من المديونية للخارج.
تبارك الله علينا ماشاء الله انجمو نعملو عيد قومي للدين الخارجي أو اليوم الوطني للقروض الأجنبية.
التداين الخارجي في تونس حاضر تقريبا في كل ميزانيات الدولة التونسية من عام 1863 (بإستثنائات خاصة جدا). حاضر إما في باب الموارد أو باب المصاريف و لذا إنجمو نسموه “العنصر ثابت الميزانية التونسية”.
و مش أي ثابت إنه الثابت المقدس تقريبا و يتعاود آليا كل عام من غير تفكير أصلا.
حاليا انجمو نقولو ان الدولة التونسية مريضة بإدمان المديونية للخارج و هذا مرض مالي خطير برشا لنو يرهن السيادة ويذل الأمة وغالبا ما يتسبب في حلول القوات العسكرية الأجنبية وممكن الإستعمار.
و في تونس عندنا هذه التجربة بكلها الي كانت سبب الإستعمار الفرنسي و نعرفوها مليح و متأكدين من صحة هذا التشخيص و رغم ذلك نرفضوا الإقلاع على الإدمان بالإقتراض من الخارج رغم إدراكنا للهاوية الي هازنا ليها.
عندنا منظومة فكرية عملاقة قوية متمكنة من الفكر السياسي التونسي و مسيطرة عليه، تقول ديما إذا عندنا عجز في الميزانية يلزم نقترضو مش انقصو من المصاريف.
هذه المنظومة منغرسة في العقل العامي والعقل النخبوي على السواء، و يعتمدها عضو الحكومة والمواطن العادي لتبرير الإقتراض من الخارج سنويا. و هدف هذا المقال هو تبيين تهافت هذه المنظومة و دحضها تماما.
ولذا لنرى مختلف الحجج الداعمة للإستدانة:
1/ كل دول العالم تتسلف و لذا فإنو هذا أمر عادي وممكن طبيعي ياسر لذا يزي بلا شعبوية.
2/ ماتنجمش تعيش من غير قروض مدامك دولة فقيرة و إنتي بيدك كخدام عادي متنجمش تعيش من غير قروض. ولازمنا نواجهو الفقروالجوع المستشرين في تونس و لهذا لازم نتسلفو باش نوكلو ونلبسو ونسكنو الشعب التونسي.
3/ منين بش نمولو المشاريع الكبرى و تجهيز البلاد يحتاج قروض و لذا يزي بلا شعبوية.
نتصور هكا نكون كملت محاججات الإقتراض الخارجي و إنجم نبدا إناقشهم وحدة وحدة.
1. الإقتراض الخارجي كعادة دولية طبيعية:
أولا:
حتى لو كل دول العالم تتسلف فمش معناها انو الإقتراض الخارجي أمر طبيعي لنو إنتشار ممارسة معينة مش معناها إنها طبيعية، فمثلا لو فرضنا إنو كل العالم يتكيف أو يزطل فهذا مايردش الدخان والزطلة طبيعيين و الأهم مايردناش نمارسوهم.
ثانيا:
تبرير الممارسة أي ممارسة كانت يجي من قيمتها أو فائدتها أو ضرورتها للحياة والدولة والأمة، مش من التعود بيها أو إنتشارها في العالم. ولازم نبطلوها صنعة التقليد و الإتباع للسائد والدارج عالميا و نولو نخممو في القيمة و المصلحة التونسية.
ثالثا:
وجود ممارسة معينة عند العالم المتقدم مش معناها هي تقدمية. فمثلا المخدرات والإنتحار دارجين برشا في العالم المتقدم و لكنهم مضادين للحياة والتقدم. للنا لازم نبطلو صنعة الإستشهاد بالعالم المتقدم لتبرير الممارسات لنو تاريخ تونس في إتباع العالم المتقدم كان كلو في المظاهر الفارغة والقشور وقتلي الجوهري و الصندي أهملناه تماما.
رابعا:
الصين مثلا ماتتسلف فلوس من حتى دولة أجنبية و هذا يسقط هذه النظرية الغبية. أما الحقيقة أن الدول المتقدمة ماتتسلفش فلوس من الخارج أي ماتمشيش تطلب قرض من حتى دولة أجنبية أو مؤسسة مالية أجنبية إلا وقتلي تبدا منهارة تماما كيف (أوروبا الغربية واليابان بعد الحرب و إنقلترا السبعينات بسبب إضرابات النقابات).
لكن هناك شبهة عظيمة جدا الا وهي سوق السندات الأمريكية وخرافة أمريكا تتسلف فلوس من الصين.
هذه المسألة المثارة متاع ديون الدول المتقدمة حكا عليها خير الدين التونسي في كتابه أقوم المسالك وهو يرد على نفس هذه الحجة الي تبرر في المديونية للخارج و ها أنا نعاود نحكي كلامو بعد 152 عاما تقريبا.
الدول المتقدمة القوية تقترض و تتسلف عبر إصدار السندات أو رقاع الخزينة وهي ورقة/وثيقة دين بمبلغ معين/فائدة معينة وأجل خلاص معين تحددهم الحكومة مسبقا و تحطهم في السوق و المواطنين أو الشركات ياخذوهم أو يشروهم.
لهنا الحكومة مامشات لحتى دولة أجنبية أو بنك أجنبي أو مؤسسة خيرية و إنما عرضت في سوقها المالية سنداتها الي هي محددة الفايدة وأجل الخلاص (مش كيف العادة وين المقرض هو الي يحدد الفائدة وأجل الخلاص) أي إنو ممارسة طلب القرض من الخارج سواء دولا أو مؤسسات مالية، هذه الممارسة المذلة ما تعملها حتى دولة تحترم روحها في وضعها الطبيعي لأنها تولي تخضع للشروط الأجنبية وللإستغلال. و لنا في تاريخنا التونسي العظيم أكبر العبر لحد يوم الناس هذا، وين المقرضين الكبار يتدخلو فينا حتى عسكريا.
و أصلا الدول المتقدمة و خصوصا أمريكا (المثال الشهير في القروض) عندها حروب وسياسات تدخل خارجية ومشاريع علمية وتقنية و مدنية عملاقة أي أن قروضهم تمشي في المستقبل العظيم و تونس لحد اللحظة لا عندها حروب ولاتدخلات في الخارج ولا حتى مشاريع عملاقة علمية/تقنية/مدنية.
لهذه الأسباب تسقط تلك الحجة.
2.الإقتراض الخارجي كضرورة حيوية و بلاش بيها نموتوا:
يقول القائل:
أخي فما واحد يعيش بلاش قروض ؟؟؟
فما بالك دولة تنجم تعيش بلاش قروض من الخارج؟؟؟
هذه هي الحجة التونسية المباشرة وين المواطن التونسي العادي يقيس روحو بالدولة و كيما هو يتسلف فالدولة تتسلف باش تعيش.
أولا:
أنا مواطن تونسي عادي خدام في معمل عادي و نعيش بلاش قروض و بلاش سلف من الخارج ناكل نشرب كاري و حمد الله . و نعرف انو المواطن التونسي ماهوش ياخو في القروض باش ياكل، يشرب، يتداوا أو يقعد حي و إنما ياخوهم لالعرس,الكرهبة,الدار ووووووو كل الحاجات غير الضرورية و المظاهر و لذا فإنو كيف ماياخوش قرض او كيف مايتسلفش مايموتش هذا اولا لدحض الجزء الاول من الحجة.
– ثانيا :
لنراجع تاريخ القروض التونسية من 1863 لحد اللحظة. بش نلقو انو الشعب التونسي والدولة التونسية مماتوش قبل مايقترضو من الخارج و زادا ملتجأتش الحكومة التونسية للإقتراض من الخارج نتيجة ل مجاعة,كارثة,حرب أو ضرورة حيوية و إنما تلجأ الحكومة التونسية للقرض كإجراء معالج لعجز الميزانية التونسية.
الحكومة التونسية تتسلف من الخارج باش تغطي عجز الميزانية و هذه الميزانية عاجزة لنو فما :
-أ. فساد غير عادي و نهب متواصل للميزانية من طرف الحكام أبداهم من مصطفى خزندار لزين العابدين بن علي . و الميزانية التونسية تنهبت بكلها عدة مرات و ممكن عشرات المرات في 150 عام الي فاتو.
-ب.التبذير في المظاهروالترف والبدخ والحكايات الفارغة من قصور, أسلحة, حفلات, جواهر, ملاعب, مسابح ………
-ج. إمتيازات المسؤولين السياسيين من شهاري, ديار, خدم, تقاعد وووو
-د. الزيادات و الإمتيازات المالية المتتالية لأعوان الدولة.
-هـ. سوء التصرف و التبذير في المؤسسات العمومية و خصوصا الزايدة.
هكا نلقو ان القروض ماكانتش لأجل بقاء الدولة او حياة الأمة و إنما لأجل رفاهية و شيخة و ثروة الحكام والمسؤولين وأعوان الدولة كهو.
ولذا تسقط هذه الحجة بالضربة القاضية.
3.الإقتراض لتمويل المشاريع الكبرى :
يقول: تونس بلاد متخلفة ضعيفة إقتصاديا عسكريا و لذا لازمها تتسلف فلوس و تعمل مشاريع كبرى اقتصادية, عسكرية, علمية, تقنية لأجل النهضة.
قصر المحمدية الي حاول يبنيه أحمد باي كتقليد لقصر فرساي هو مشروع كبير بالاضافة ل6 بطوات بخارية مايعرف حتى تونسي يسوقهم و اضطر يجيبلهم سواق و تقنيين أجانب و زيادة على قشلة(ثكنة) غار الملح المهزلة (الي تستعمل اليوم كبرط للفلايك الصغار ما تنجمش تستوعب حتى شقوفات كبار) في المقابل ماعملش جامعة او بعثات علمية للخارج.
بعد الاستقلال وفي عام 1956 تسلفت الحكومة من فرانسا باش تكمل الميزانية و فجاة تتعمل المشاريع الكبرى و من 1956 ل1961 توصلنا لبناء 5 قصور رئاسية مضخمين و جبنالهم مهندس ديكور فرنسي.
بنينا ملعب المنزه و ملعب رادس و كل أنواع الملاعب بالمدرجات اضافة للمسابح المسارح و تلفزة وووو وتخيلو وصلت تونس عندها تلفزة قبل اسرائيل (الي هي غنية و متقدمة بالرسمي اما تعرف وين تحط فلوسها وكيفاش تتبنى القوة).
في الخمسينات و الستينات كان فما جوع في تونس واصلا التوانسة ياكلو في الحشيش و لكن الحكومة تتسلف و تتذلل للخارج لأجل مشاريع اعلامية/دعائية و فرجوية رياضية و ترفيهية فنية وحزبية و هاذم هوما مشاريع كبرى يتكلفو المليارات في ذاك الوقت.
ومنين تجي المليارت ؟؟؟ طبعا من القروضات.
من بعد عندنا تجديد و تزيين مقرات المؤسسات العمومية و بنيان مقرات جديدة أضخم أحلى أزين (باركينڨ يهز أكثر كراهب) و زيادة عددهم بشكل كبير و كيف العادة الفلوس تجي من القروض و أرهن البلاد و العباد للخارج.
أصلا بعد الاستقلال تقلصت شبكة السكك الحديدية و تنحى الترامواي(جد الميترو الحالي ) من تونس في 1960 (إجراء غبي اضطرينا نرجعوه في 1990) يعني انو البنية التحتية في النقل زادت تخلفت، أصلا مادخلنا عصر الطرقات السيارة كان في التسعينات.
كلفة المشاريع الكبرى في البنية التحتية ,العلمية,العسكرية والاقتصادية كانت تنجم تتغطا من الميزانية التونسية كان جات عندنا حكومات رشيدة وتصرف على قد جرمها و تعس ع الفرنك.
و لذا فان هذه الحجة تسقط وحدها اذا شفنا حجم الهدر في المصاريف الزائدة.
في المحصلة فان الإحتياج الحقيقي للإقتراض من الخارج معدوم تماما ولذا علاش مانقطعوش على هذا الإدمان و نحررو إرادة الأمة من النفوذ الأجنبي؟
هذه المسألة ماتوضعتش أبدا في أولويات البرامج السياسية للأحزاب الكبرى التونسية لكنها بش تكون موجودة أكيدا في سلم أولويات الحزب القومي التونسي و في باب تحقيق السيادة التونسية.
Views: 3