تحريض السلط الإحتلال لطابور الرماة المغاربة ضد المدنيين التونسيين: شهادة تاريخية
فمن أجل مكافأة جنود “الطابور” المغاربة الذين تصرفوا بشكل مرض في الجبهة الفرنسية ضد قوات الحلفاء مهاية الحرب العالمية الثانية، عاد بهم قادتهم العسكريون عن طريق تونس من الجبهة الإيطالية الألمانية، و أسكنوهم في ثكنات العاصمة و ضواحيها. كان ذلك نوعا من “راحة المحارب” منحوا إياها، و كان الجنود ينوون الإستفادة من راحة المحارب على طريقتهم! و لم يرى ضباطهم أي مانع في ذلك و إذ كانت المدينة الأوروبية محضورة عليهم تماما، فقد أفسح لهم المجال في المدينة العربية و انتشروا فيها من باب سويقة إلى الحلفاوين إلى باب الجزيرة و غيرها من الأحياء التونسية ناشرين الرعب و كل أنواع التجاوزات من سرقات ونهب وإغتصابات و ألحقو أضرارا عديدة بالسكان و أصيب العديد منهم بجراح.
و رد التونسيون الفعل بضربهم ضربا مبرحا، و من ثم بدأت حملات ثأرية حقيقية يقودها الضباط الفرنسيون مثلما كان الحال مع قبل ذلك بعامين مع الرماة السينڨاليين. و سقط عدة ضحايا غالبهم من التونسيين و قد جرحو جميعهم بإصابات بالرصاص أو بطعنات الحراب. حسب (أرشيف مصلحة الجراحة بالمستشفى الصادقي).
و يروي الدكتور أحمد بن ميلاد ما يلي:
عندما أتاه بعض التونسيين بعريف شاب من جنود الطابور إلى عيادته بالحلفاوين و هو جريح على إثر معركة، سأله بعد معالجته، لماذا تصرفو هو و زملائه بتلك الطريقة مع التونسيين و هم إخوانهم في الدين. فأجابه: “و لكن قيل لنا إن جميع التونسيين كفار و أننا هنا من أجل ردعهم” … ثم أضاف “وقيل لنا إن كل هذه الأحياء (الحلفاوين و باب سويقة) هي أحياء خاصة”.
تلك هي طريقة التفكير البدائية و التمشي الفكري الذي كان أولائك العسكريون الإستعماريون يأملون أن يرفعوا به مجد فرنسا و يحافظوا على إمبراطوريتها.
و قد بلغ التأثر حده في البلاد. و تحولت جنازات الضحايا إلى مظاهرات سياسية حقيقية، و ستطبع الخطب التي ألقاها آنذاك أحمد بن ميلاد عن الحزب الدستوري القديم، و صالح بن يوسف عن الحزب الجديد مرحلة هامة في سياق التحرر إذ أنه للمرة الأولى ذكر الإستقلال علنا كهدف فوري.
و وقع إيقاف صالح بن يوسف و أحمد بن ميلاد و تقديمهما للمحكمة العسكرية، ثم بتراجع من المقيم العام ” ماست” أو ربما بتعليمات من باريس، فقد حكم عليهما بعام مع إيقاف التنفيذ و نقل الجنود المغاربة على الفور.
– وظفت فرنسا الأنوار جنودها الڨوم المغاربة و رماتها السنغاليين ضد الاحياء العاصمية الشعبية، بهدف كسر المقاومة التونسية و وأد جذوتها في النفوس & قامت بشحنهم ضد التونسيين و التونسيات و تغاضت عن كل تجاوزاتهم و جرائمهم و عاقبت كل انفاس المقاومة العفوية التي تكونت ضدهم.
هذه هو الاحتلال الفرنسي و هذا هو وجه فرنسا الاستعمارية الي لن تفلح اطنان الماكياج في تزيينه … لهذا فإن من واجبنا كتونسيين الدعوة لتجريم الاستعمار الفرنسي و مطالبة دولة فرنسا بالاعتذار.
_____ المصدر:
سعيد المستيري/ المنصف باي: الحكم و المنفى ص250 و 251
Views: 8