الشاعر و الرحالة و المؤرخ : محمد المقداد الورتتاني (1875-1950)

الشاعر و الرحالة و المؤرخ : محمد المقداد الورتتاني (1875-1950)

محمد المقداد بن نصر بن عمّار الورتتاني، ولد في منازل قبيلة ورتتان بجنوب الكاف قرب مدينة أبّة سنة 1875. كان والده شيخ القبيلة و قد لقن ولده مبادئ الفروسية و الرماية و سعى لتعليمه فشبّ الإبن حافظا للقرآن الكريم ثمّ التحق بجامع الزيتونة سنة 1892م وأخذ العلم عن أعلامه أمثال المشايخ سالم بوحاجب وصالح الشريف ومحمد بن محمود ومحمد النّخلي ومحمد المكي بن عزّوز ومصطفى رضوان .

أحرز شهادة التطويع سنة 1316هـ/1896م ثمّ تولى التدريس وتابع دروس المدرسة الخلدونيّة مظهرا عناية بمادة التاريخ، وإثر ذلك ولاّه البشير صفر نائبا لجمعية الأوقاف بمدينة القيروان و قد كان للورتتاني الدور الطليعي في الكشف عن الوثائق و المخطوطات القيروانية بالجامع الكبير و من ثم أرشفتها و حفظها؛ كما كان له دور في إنشاء مستشفى إبن الجزار بالقيران اثناء اقامته بها.

خاض الورتتاني مغامرة عبر إرتحاله لفرنسا و سويسرا و قد أرخ لها في كتاب “البرنس في باريز” و ذلك سنة 1912، و قد قارن في هذا الكتاب بين مظاهر الحضارة باوروبا و مظاهر الحضارة بالقيروان كم أرخ للمجاهد الشهيد محمد الدغباجي و لملحمته ضد الإستعمار الفرنسي في كتاب مخطوط: “دليل الدياجي في اخبار محمد الدغباجي” و كان أول من أرخ لتاريخ الشابية في القيروان عبر “رسالته في تاريخ الشابية” التي استلهم منها شارل مونشيكور مادة دراسته حول الشابيين.

إضافة لما سبق ترك الورتتاني مجموعة من المؤلفات و هي:
. الرحلة الأحمدية،
. النفحة الندية في الرحلة الأحمدية،
. تاريخ الأطعمة التونسية في العصر الحفصي،
. المفيد السنوي في إدارة المخطوطات؛

وقد توفي الورتتاني بالعاصمة و دفن بها سنة 1950.

 

من قصائده : مأساة جزيرة (شريك)
(إثر تعرض شبه جزيرة الوطن القبلي للغرق بسبب السيول والأمطار)

الـدهـرُ شـيـمتُه يســــــــــــــرُّ ويَفجعُ
___ والنفسُ تجزَعُ والـتصــــــــــــــبُّرُ أنجعُ

 

أهلُ الجزيرةِ عـمَّهـم سـيلٌ بـــــــــــــه
___فقـدوا الشعـورَ ولـم يسَعْهـم مــــــــوضع

 

وطَمـا عـلـيـهـم مُرعِدًا بجـيــــــــــوشه
___فأداسَهُم، وهُمُ بـلـــــــــــــــــيلٍ هُجَّع

 

وأذاقَهـم هلعًا بـه لـبسـوا العَنــــــــا
___ والعـيـنُ تدمعُ والـمـنـاكب تُقـــــــــرع

 

ورَبـا عـلى أعـلى الـمـنـازل بعـدمـــــا
___ بـاتتْ وصـادحُهـا بأمــــــــــــــنٍ يسْجَع

 

أضحت خلـيجًا فُلْكُه جثثُ الـــــــــــــورَى
___ والروضُ بـلقَعُ والـحـمـــــــــــامةُ أبقع

 

يــــــــــــــأهلُ الجزيرةِ نسْلُ أندلس
___ مَنْ كـان يـخبرُ دهـــــــــــــرَه لا يجزع

 

فكأن هـذا الـيـومَ يـومُكـم الـــــــــذي
___ هُجِرَتْ جزيرتُكـم بـه والـمـــــــــــــرْبَع

 

طـوبى لـمـن نـال الشهـادةَ مـنكــــــــمُ
___ وإلى النجـاة عـــــــــــلى الكرامِ تَبرُّع

 

أبنـاءَ تـونسَ مـن إلـيكـم يــــــــــنزعُ
___ فـي الـمعضلات وبِرّكــــــــــــم لا يُنزَع

 

شبْهُ الجزيرة أهله افتـرشــــــــوا الثَّرى
___ أيسـوا الـحـيـاةَ وشمـلُهـــــــــم مُتصدِّع

 

أيلـذُّ عـيشكـمُ وهـم لـــــــــــم يُسعَفُوا
___ بـيـد الإغاثة والـممـــــــــــالكُ تَسمع

 

وإغاثةُ الضعفـــــــــــــــاءِ ذخرٌ للفتى
___ والجـودُ يـــــــــــــومَ الفزْعِ بِرّاً أنفع

 

المراجع:
تراجم المؤلفين التونسيين؛ محمد محفوظ،
مقالات “أعلام ومشاهير” في جريدة الشروق؛ المولدي العباسي،
موقع الموسوعة التونسية

Views: 16