الإستعمار الفرنسي 1881 : الحملة العسكرية على قُرى الساحل
سبق أن حلّت القوات الفرنسية بسوسة في بداية سبتمبر 1881 يقودها المُقدم {Moulin} لمُحاربة الجنود التونسيين الهاربين من جيش الباي الذين يُسيطرون على هذه المنطقة و يحكمونها بدعم من السكان و قوات لا يُستهان بها من المثاليث.
و كانت الجيوش الغازية ترمي من وراء ذلك إلى القضاء على مركز من مراكز المقاومة بات يُزعج السلطات الفرنسية و ذلك لأنه بقربه من القيروان يحول دون إحتلال هذه المدينة. و قد ركز المستعمرون هجوماتهم الأولى على القلعة الكُبرى التي تمثل أهم معقل للمقاومة في الساحل و التي برز رجالها بصورة خاصة في معركة الأربعين. ففي 14 سبتمبر 1881 وجّهت السفن الرابضة بميناء سوسة حوالي 15 قذيفة نحو هذه القرية متسببة في نشوب عدة حرائق. و في الغد توجهت القوات الفرنسية نحو القلعة الكُبرى و شتّتت بعد صدام دام نصف ساعة تقريباً مجموعة الجنود التي أصبحت يقودها {علي بن مبروك} إثر إستشهاد {الساسي سويلم}.
ثم قذف المستعمرون أهم مراكز هذه البلدة و منازلها. غير أن قوات المقدم {Moulin} لقيت مقاومة عنيفة و هي تتوجه في 20 سبتمبر إلى بلدة جمّال للسيطرة على هذا المعقل الآخر من معاقل المقاومة، إذ إعترض سبيلها في بلدة السّاحلين حوالي 3000 مقاوم ينتمون إلى عروش جلاص و السواسي و المثاليث و أولاد سعيد و بعض الجنود من الفارّين من ثكنات جمّال و بنّان و عديد السكان الذين أقرّوا العزم على محاربة قوات الإحتلال.
و إستبسل أبناء السواسي و المثاليث في السّاحلين. إلاّ أن هذه المعركة أضعفت المقاومة و أوهنت سكان الساحل فأحجموا عن كلّ عمل مناوئ للجيوش الفرنسية. و لم يبق في صفوف المقاومة إلاّ الرّحل الذين كانوا يصلون في حملاتهم إلى أسوار مدينة سوسة متحدّين بذلك قوات الإحتلال.
و للقضاء نهائياً على المقاومة بالساحل حلّ الجنرال {Etienne} في فاتح أكتوبر 1881 بمدينة سوسة لقيادة فيلق الدعم السادس ثم دخل على رأس هذا الفيلق بلدة مساكن في 7 أكتوبر. و إن لم يجد الفرنسيون مقاومة تذكر في مساكن فإن عدداً كبيراً من أبناء السواسي و جلاص و المثاليث هاجموا الفرق التي يقودها {Moulin} من كل جانب وقد تمّ ذلك عند عودة الفيلق إلى سوسة.
و هكذا فإن البدو لم يتركوا الساحة إثر هزيمة السّاحلين و بعد تدعيم جيوش الإحتلال في منطقة الساحل، بل نظّموا صفوفهم و عادوا ليقطعوا على القوات الفرنسية الطريق المؤدية للقيروان.
[إنتصاب الحماية الفرنسية بتونس- ص53.ص54]
Views: 72