تأملات قومية تونسية في معركة الجلاء

تأملات قومية تونسية في معركة الجلاء

– معركة الجلاء، محطة تاريخية تونسية هامة علخر لكنها كيف اهم المحطات التاريخية التونسية تعاني من الجهل و خاصة من الاحكام المسبقة الي تلقي بشبهات عملاقة عليها بسبب العقايد السياسية الاجنبية الي حكمت المواقف النخبوية الي بدورها ولات مواقف عامة فيما بعد .

– معركة الجلاء تكلفت شهداء و عدد مهول من الشهداء ( يحكيو على 5000 شهيد تونسي ) و من المفقودين . تطورات المعركة سياسيا ,عسكريا و خاصة اداء رئاسة الجمهورية المحير ( اتخاذ قرار الحرب و الدخول فيها ثم التراجع السريع بعد خطاب “شارل ديغول” الي يستعرف فيه بالسيادة التونسية على بنزرت) اثارت معارضة مدنية-عسكرية الي تلمت مع اسباب اخرى و نتج عليها محاولة الانقلاب الشهيرة بتع “دسيمبر 1962” .

– الجلاء العسكري الفرنسي بتع 15 اكتوبر 1963 مجاش بالساهل و فما برشا مراجعات لازم تصير للحدث التاريخي لتوضيحو و لازالة الشبهات الي التصقت بيه .المقال هاذا شيحاول مراجعة المعركة من كل نواحيها السياسية و العسكرية و قبل هذا مراجعة الشبهات الي تحوم حولها. 

1. الاشتباهات الأولية : 

– يقال انها كانت معركة زايدة تماما و انو التوانسة مشاو ضحايا ” بورقيبة” لا اكثر لا اقل :

أولا: 
 يقال انو “فرانسا” كانت شتنسحب بطبيعتها و انو “شارل ديغول” ناوي ينسحب بطبيعتو و انو “بروقيبة” تنطر للمعركة باش يعمل فيلم يظهر بيه “بطل” و يغطي بيه عمالتو ل”فرانسا” . يقال انو “شارل ديغول” كان يستنا في صنعان القنبلة الذرية و من بعد بش ينسحب فعليا و هاذا الي صار عمليا فرانسا فرقعت قنبلتها عام 1963 و انسحبت من بنزرت عامتها .

ثانيا: 
يقال انو “بورقيبة” كان محتاج لمعركة ضد “فرانسا” باش يظهر وطني قدام الدول العربية-الافريقية و خاصة قدام “منظمة دول عدم الانحياز” الي كان يحب ينضملها و لكنو مكانش محترم فيها و عند قادتها ( عبد الناصر المصري ,نهرو الهندي,تيتو اليوغسلافي,شو ان لاي الصيني) .و انو معركة بنزرت جابتلو تعاطف دولي و حلتلو باب المنظمة العملاقة .

الرد:
  – الزوز اشتباهات هاذم يرجعو لكونو  “فرانسا” بش تنسحب اكيد و انو “بورقيبة” كان على علم بهاذا الانسحاب و قرر القيام بمعركة مزيفة يموتو فيها آلاف التوانسة ضحايا تصويرتو .

– هل فرانسا كانت شتنسحب من “بنزرت” ؟؟؟ هل “فرانسا” تنسحب اصلا من اي قاعدة عسكرية تونسية مغير معركة ؟؟؟ هل “شارل ديغول” مستعد ينسحب من “بنزرت” ؟؟؟ .

– الرئيس الفرنسي “شارل ديغول” صرح نهار 5 سبتمبر 1961 انو “قال لبورقيبة انو فرانسا متنجمش و متحبش اصلا تنسحب من بنزرت” واضح تماما “شارل ديغول” في تصريحو بعد المعركة .

– اصلا حتا من قبل “بنزرت” .فرانسا منسحبت من باقي المعسكرات الا بعد معارك و مواجهات مع الجيش و المواطنين التوانسة . “معركة رمادة” في 20-25ماي 1958 هيا الي فرضت الانسحاب من القواعد العسكرية باستثناء بنرزت الي اجل الفصل فيها لتاريخ غير محدد ( كات هاذي احدى اهم الاغلاط) .

– “شارل ديغول” بحد ذاتو استعماري علخر و كان ضد كل الاستقلالات بداية من استقلال “سوريا” و”لبنان” 1943-1946 الي ذكر مليح في مذكراتو ( مذكرات الامل 1962) انو تفرض عليه بالسيف :فرضوه عليه الامريكان و الانقليز , “شارل ديغول” الي كان يحب يحل المشكلة الدزيرية عسكريا ملي شد الحكم في 1958 مستحيل يكون ناوي يسلم في بقايا النفوذ الفرنسي بالساهل .

– “شارل ديغول” فرض في “اتفاقيات ايفيان” بتع “استقلال دزاير” انو فرانسا تقعد تستخدم القواعد العسكرية ل15 عام اخرين و انها تكمل تعمل تجاربها الذرية .

– “فرانسا” دولة متنسحب كان بالقوة من اي ارض تونسية و هاذا ثابت من قبل “بنزرت” بطبيعتو ,”شارل ديغول” استعماري للعينين و رافض حركة الاستقلالات و اصلا رافض الانسحاب من بنزرت بتصريح مباشر و لذا فانو فكرة “فرانسا بش تنسحب وحدها” هيا فكرة غبية و ناتجة على الجهل اولا و على موقف عدائي لبورقيبة لا اكثر لا اقل .

– زيادة على هذا فانو فرانسا بدات اشغال توسيع مدرج هبوط الطيارات ب150 ميترو و بعثت لوالي بنزرت تعلمو بهاذا .معناها قاعدة تصرف في فلوس لتوسيع مدارج و استقبال طيارات جديدة مما يعني انها مستحيل تخرج تي ناوية تزيد تقعد .

– السياسة الفرنسية و تصريحات شارل ديغول و من قبلهم طبيعة فرانسا الاستعمارية و طبيعة شارل ديغول بالذات واضحين في انو مستحيل خروج سلمي من بنزرت .

– قرار الحرب في بنزرت كان قرار ضروري علخر باش تتحرر بنزرت كيما تحررت قببلها باقي الاراضي التونسية. و كان مصارتش الحرب كان الوجود العسكري الفرنسي ممكن يقعد ليوم الناس هذا.

2. الأداء السياسي : تقييم اداء القيادة السياسية : 

أ/ التوقيت: 

– بعد الاستقلال او بعد امضاء بروتوكول الاستقلال في 20 مارس 1956. قعدت قضية الوجود العسكري الفرنسي عالقة و تحلت فيها مفاوضات جديدة و الفرانسيس قعدو بتمهطلو طيلة اكثر من عامين لحد الاعتداء على ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958 و معركة رمادة في 20-25 ماي 1958 .

– الواجب كان يقضي انو مباشرة او على الأقل بعد تونسة الشرطة و الجيش و تأسيس الدولة الجديدة انو تبدا مفاوضات عامة شاملة للجلاء الفرنسي .

– الواجب كان يقتضي انو في 1957 تبدا معارك الجلاء : وقتها فرانسا في موقع ضعف سياسي و عسكري جرة حرب دزاير و اظطراب الحكومات الفرنسية .

– محاصرة القواعد و الثكانت الفرنسية و المواجهة العسكرية معا الجيش الفرنسي في 1958 كان لازمها تصير في 1957 . المشكل السياسي الأول هو الوقت : القيادة السياسية وخرت بعام كامل في حلان المواجهة مع فرانسا وقتلي هيا ضعيفة علخر ومن بعد تبدلت الحكومة الفرنسية بجيان شارل ديغول و تبديل نظام الحكم في ماي- جوان 1958 .

– قضية بنزرت كان لازمها تبدا تتحل مباشرة بعد الانسحاب من القواعد العسكرية البرية ,البحرية لخرا . الغلطة الثانية بعد الوقت هوا الربط في المحلول : قضية بنرزت تاجلت لوقت لاحق مهوش محدد .

– عام 1958 فرانسا و تونس وقعو عقد مرور البترول الدزيري عبر تونس ( ميناء الصخيرة ) و هاته المنفعة المالية رخفت المطالب التونسية و اجلت المواجهة ل3 سنين : التأجيل كان مضر علخر لنو الحكومة الفرنسية تكبست علخر بعد جيان شارل ديغول العسكري و ظبطانو للوضع الفرنسي.

– الحكومة التونسية عطات شارل ديغول راحة ب 3 سنين كاملين من أكتوبر 1958 ( تاريخ الانسحاب كن كل القواعد العسكرية باستثناء بنرزت ) لحد جويلية 1961 ( تاريخ معركة ينزرت ) . 3 سنين كاملين شدو فيهم روحو و بدا يستكمل في التجارب النووية و يتلها بدزاير و يحس روحو قوي علخر و ينجم يستحفظ ببنزرت للابد كان لزم .

– الغلطة السياسية الأولى كانت في الوقت : المعركة كان لازمها تصير قبل في وضع الجمهورية الرابعة المظطربة سياسيا/حزبيا و الواحلة في دزاير. 

ب/ القرائة السياسية : 

– القيادة السياسية و تحديدا الرئيس ” الحبيب بورقيبة” قرات معركة بنزرت 1961 بالظبط كيما “معركة رمادة” و كيما معارك الحركة الوطنية و خاصة “مظاهرات 8-9 افريل 1938”.

– “بورقيبة” حسب “شارل ديغول” كيما رؤساء حكومات الجمهورية الثالثة-الرابعة الي استانس يتعامل معاهم من 1934 ل1958.

– “بورقيبة” خمم انو مناوشات بسيطة و معركة نهار واحد : شوية ضحايا ,تغطية صحفية و صدمة راي عام دولي بش تخلي “ديغول” يرضخ و ينسحب .

– ” بورقيبة ” ماقراش تحولات الوضع الفرنسي : استقرار الحكومة ,تقدم الصناعة العسكرية ,تفرغ تام لحرب دزاير و خاصة رئاسة دولة قوية صلبة حربية و استعمارية علخر و رافضة الانسحاب من بنزرت و هذا الي وضحو ” ديغول” ل”بورقيبة” في لقاء “رامبويي ” 27-28 فيفري 1961 قبل 5أشهر من المعركة( مفماش انسحاب قبل صنعان القنبلة الذرية = مفماش انسحاب من اصلو معناها ).

– الغلطة السياسية التونسية هيا في قرائة فرانسا على أساس الوضع السابق الي وفا في 1958 و تحيدا في جوان 1958 وقتلي شد “ديغول” الحكم و كبس الدولة الفرنسية و ركح الحياة السياسية و تلها بالتصنيع العسكري و ركز مع حرب دزاير الي حاب يربحها و مش ناوي ابدا يخرج من بنزرت او يرجع النقطة الكيلومترية 233 ( ناقشو فيها بورقيبة في رامبويي و وضحلو انو مهوش شيرجعها )

– من لقاء “رامبويي” “بورقيبة” كان لازمو يفهم مليح انو “ديغول> ماهو بش يعطي حت شي و يحب رضوخ مطلق مستعد يخلصو بالفلوس و لذا من لحظتها كان لازم يبدا التحضير للحرب .مش على غرادة بعد مبادرت فرانسا بتوسيع مدرج مطار ” سيدي احمد”.

ج/ التخطيط السياسي للمعركة: 

– ” بورقيبة ” قرا المواجهة في بنزرت كنضال وطني تقليدي فيه مظاهرة ,مناوشة ,عدد قليل بتع شهداء و رضوخ جمهورية فرنسية رابعة ضعيفة تاعبة و مظطربة .

– القرائة السياسية الغالطة مخلاتش القيادة السياسية تحضر روحها لحرب حقيقية فيها عدد كبير بتع شهداء و احتمال قصف قوي و رهيب و ممكن قصف للعاصمة بيدها : قيادة الجيش الفرنسي اقترحت إعادة احتلال تونس.

– القيادة السياسية خططت المعركة باستراتيجيا مدنية حزبية  قديمة علخر و لذا تصدمت كيف شافت رد الفعل الفرنسي القوي و الرهيب أصلا .

– كان على القيادة السياسية تحضر روحها لمواجهة حقيقية عسكرية أساسا و تحضر لمعركة طويلة و مضنية و تقرا حساب تضحيات بشرية عملاقة و دمار و تاخو احتياطاتها لكل لهاذا .

– القيادة السياسية كان لازمها تخوض المعركة هذا لا نقاش فيه اما لازمها تخوضها كحرب حقيقية مش كمظاهرة. 

3. الأداء العسكري: 

– الأداء العسكري مهوش أداء الجنود او الظباط  قد ماهو أداء القيادة السياسية-العسكرية و تحديدا “كتابة الدولة ل الدفاع” و ” قيادة الجيش” : الباهي الادغم كاتب الدولة ل الدفاع و معاه القادة الكبار للجيش هوما الي يتحملو مسؤولية “الأداء العسكري” للجيش التونسي طيلة أيام المعركة جويلية 1961.

– اول ملاحظة هوا انو القيادة السياسية-العسكرية حضرت خطة تعتمد على المتطوعين أساسا ووين الجيش و قوات الحرس الوطني كانو ثانويين علخر .

– المتطوعين في اغلبهم معدوش الواجب العسكري و معندهم حتا خبرة قتالية ,يقوده الحماس الوطني اما مغير حتا مهارة في استخدام الأسلحة و زيد تسليحهم كان شبه معدوم : عصي ,مكاحل قديمة ,حجر ,عمليا كانو جمهور مظاهرات هايج و مستواهم اقل من مستوى “الفلاقة ” و لذا من الناحية العسكرية البحتة كانو عنصر قلق و تشغشيب للجنود و أعوان الحرس الوطني الي لقاو رواحهم متعرقلين و مخنوقين بيهم لنو ميعرفوش وين يتحركو .

– مكانتش فما خطة عسكرية حقيقية بتع مواجهة مع قوات القاعدة الجوية ب” سيدي احمد” و خاصة لمواجهة قصف فرنسي مكثف و زادا لمواجهة قوات المظليين الي جات من دزاير .

– القيادة العسكرية محضرتش احتمالات الردود العسكرية الفرنسية القوية لنها كانت تخدم تحت قرائة سياسية غالطة ,كانت تخدم على أساس “معركة رمادة” جديدة وين تصير مناوشات ,معركة بسيطة ,سقوط شوية شهداء اغلبهم متطوعين و قدماء الفلاقة و من بعد تجي المفاوضات و يصير الانسحاب الفرنسي .

– عمليا مكانش فما تحضير للمعركة فما “خريجي الاكاديمية العسكرية بسان سير” دورة 1956/دورة بورقيبة مكانوش في تونس ,كانو في “الكونغو” ( الكونغو الديمقراطية حاليا) كانو في مهمة مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة .كتابة الدولة ل الدفاع مراتش حتا حاجة ليهم و لكفائتهم لنو المعركة شتكون بسيطة .

– الخبرات العسكرية الميدانية الممتازة كيما ” الرائد محمد البجاوي” ( حارب في الفيتنام ) موقعهش استدعائها كان من بعد ما الوضعية استفحلت تماما و بعد صدمة الرد الفرنسية ( الرائد قال انو الباهي لدغم باعثو للموت و استشهد الله يرحمو برسمي ) .

– موقعش صياغة خطة او التحضير للمعركة .معركة بنزرت كانت معركة رمادة جديدة لا اكثر لا اقل و هذا الي انتج العجز قدام “القصف” و ” المظليين “.

4. الخلاصة:

– بنزرت كان لازمها تتحرر و في اسرع وقت .مكانش فما إمكانية لبقاء أي قوة عسكرية فرنسية في تونس .هاذي كانت اهم قضية بعد توقيع بروتوكول الاستقلال.

– الجلاء كيما الاستقلال يتطلب تضحيات و بالطبيعة شهداء , القضية مهيش في عدد الشهداء : شرف ,كرامة ,عزة و طهارة الترب التونسي تهون قدامها اعداد الشهداء و حتا كان استشهد الشعب التونسي بكلو .

– المعارك المبدئية القيمية و المصيرية ميتحسبش فيهم عدد الشهداء او كمية الدم : المهم عملية التحرير تصير و تسترجع الامة شرفها .

– لكن المعركة أي معركة لازم تتقيم سياسيا من ناحية النجاعة : هدف المعركة هوا النصر باقل التكاليف . الانتصار هوا المسالة الأولى و من بعد تكلفة الانتصار .

– في بنزرت متحققش انتصار عسكري-سياسي مباشر و كان فما كلفة عالية من الشهداء ,المفقودين و من الدمار و لهنا موضع النقد لللقيادة السياسية-العسكرية .

– معركة بنزرت كانت تنجم تتخاض بنجاعة اكبر : انتصار اسرع و ممكن انتصار عسكري أصلا ,بنزرت كان ممكن يصير فيها ملحمة تونسية و ممكن بالوقت يتفرض فيها انسحاب فرنسي مش بعد عامين .

– معركة بنزرت كانت ممكن تتربح في وقت اقل و عام قبل لو : وقع الإسراع في خوضها ,لو تعملت قرائة سياسية صحيحة ,مخطط سياسي منطقي و خاصة تحضير عسكري حقيقي .

           في قرائتنا للمعركة و الحدث ملازمش ننسو او ننحرفو على القضية الاصلية و هيا تحرير/تطهير الأراضي التونسية من الوجود العسكري الفرنسي و ملازمناش ننسو طبيعة المستعمر الفرنسي المتعصبة و الي تكبش علخر في نفوذها خاصة العسكري و كيف كيف ملازمش مواقفنا من القيادة السياسية و خاصة من ” بورقيبة” تعمينا على القضية الوطنية الي تجي قبل بورقيبة و قبل كل افكارنا السياسية ( خاصة المستوردة من الخارج) .

          القومية التونسية تقرا التاريخ مش لتوجيه اللوم والاتهامات و اصدار الأحكام العاطفية الاعتباطية .القومية التونسية تقرا التاريخ التونسي للفهم و للاعتبار :استخلاص الدروس و من ثم البناء ,بناء الوعي التاريخي-السياسي و القكر السياسي التونسي الجديد.

Visits: 68