الطاهر الحداد: طبع إسمه في تاريخ تونس و عمره لم يتجاوز 36سنة

الطاهر الحداد: طبع إسمه في تاريخ تونس و عمره لم يتجاوز 36سنة

من مواليد 4 ديسمبر 1899 بالعاصمة، نشأ في وسط متواضع، إذ كان والده (أصيل مدينة الحامة) يخدم بياع دواجن بالسوق المركزي. تلقى تعليمه الإبتدائي بالكُتاب ثم إلتحق بجامع الزيتونة و عمره 12 سنة بعد وفاة ولده سنة 1920.

غادر جامع الزيتون إثر حصوله على شهادة التطويع ليشتغل ماسك دفاتر و كاتب بالجمعية الخيرية، ثم إلتحق بمدرسة الحقوق العليا التونسية سنة 1921 غير أنه إنقطع عن متابعة دروسها بعد نجاحه في إمتحان السنة الأولى، و توجهت همّته إلى النشاط السياسي و النقابي و الإصلاحي.

بدأ حياته كمُفكر كاتباً في جرائد « الأمة» و « مُرشد الأمة» و « إفريقيا»، و قد حوّلت إليه تلك الكتابات أنظار نُخب البلاد و جعلت {عبد العزيز الثعالبي} يصطفيه من زُمرة قليلة ليكون أحد مؤسسي الحزب الحر الدستوري التونسي، و تكليفه بالدعاية والإعلام.

لكنه لم يلبث أن إنسحب منه، لوقوف قادة الحزب ضد حركة {محمّد علي الحامي} النقابيّة، و تخليهم عنها.

و في 1924 كان من الأعضاء المؤسسين لأول نقابة عُمالية تونسية (جامعة عموم العملة التونسية) رفقة {محمد علي الحامي}، و التي أرّخ لها في كتابه « العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية» سنة 1927، خلّد فيه ذكرى الحراك العمّالي بالبلاد التونسية في بداية القرن الـ20، مراحل تطوّره و بداية التنظّم النقابي، و هو الكتاب الذي قامت السلطات الإستعماريّة بمنعه لاحقاً. و لم يصدُر مرّة ثانية إلا بعد الإستقلال سنة 1966.

بعد حلّ النقابة التونسية و نفي {محمد علي} واصل الطاهر الحداد نضاله من أجل الإصلاح عبر مقالاته الي تحدث فيها عن إصلاح العائلة و القضاء و التعليم عبر تنظيم العلاقات الأسرية و رفع الجهل عن المرأة و تونسة منظومة التعليم اليّ كان شقها العصري تحت تصرف الفرنسيين يتحكمون ببرامجها ومناهجها التعليمية و التكوين المهني حسب مُتطلبات السوق الإستعمارية المحلية و حاجيات المُعمرين لليد العاملة في ميادين مُحددة. هذه المقالات التي جمعها و أصدرها في كتابه الثاني «إمرأتنا في الشريعة والمجتمع» سنة 1930.

و من سوء حظّ الطاهر الحداد أن تزامن إصدار كتابه الثاني بآرائه الإصلاحية الجريئة مع تنظيم المؤتمر الأفخارستي في نفس السنة، وهو المؤتمر الثلاثون في سلسلة المؤتمرات الدينية الكاثوليكية المعروفة بالمؤتمرات الأفخارستية، و كان من بين من حضره ممثلون عن مشائخ الجامع الأعظم، مما وضع الأوساط الفقهية في موقف مخزي جديد، زيادة عن المواقف السلبية الصادرة عن بعضهم في مناسبات وطنية سابقة كأحداث الزلاج، جعلت الرأي العام التونسي يحسم في أمر وطنيتهم، و بالمشاركة الشرفية في المؤتمر الأفخارستي صار إسلامهم في حد ذاته محلّ تشكيك و تسائل.

كان صدور الكتاب الثاني للطاهر الحداد فرصة لشق من المشائخ لتحويل إهتمام الرأي العام و إعادة الإعتبار لمكانتهم المعنوية في المجتمع كحُماة للعقيدة و الحريصين على ثوابت الدين، فكانت حملت شرسة ضد الكتاب و صاحبه، حُرم على إثرها من إجتياز الإمتحان لنيل شهادة الحقوق إنتهت بتكفيره…
آثر بعدها الحداد الإنطواء و العُزلة إلى أن توفي في 7 ديسمبر سنة 1935.

Visits: 214