نشأة فكرة الجمهورية عند الحركة الاصلاحية التونسية القرن19
بعد مرور ستة عقود على تحقيق أحد الإنجازات العظمى في تاريخ الأمة التونسية، إعلان قيام الجمهورية على أنقاظ النظام الملكي الي رغم الفترة الذهبية الي عاشتها تونس خلال حكم حمودة باشا ( 1782 – 1824 ).
لكن مساوئ الحكم الملكي كانت أكثر ببرشا من إيجابياته، فالحكم الفردي المطلق كان مرهون بشخص الملك، فإذا كان الملك ( الباي) على قدر من الثقافة و الحنكة السياسية و الوعي كانت فترة حكمه مزدهرة، فخلالها تنتعش الدولة إقتصاديا و يعمّ السلم الإجتماعي و الأمن و تدعم الصناعة و الثقافة، لكن حدّ ما كان يظمن أن ولّي العهد باش يتخذ نفس النهج الإصلاحي الطموح كيما الي سبقوه، فإذا يطلع الباي الجديد فاسد تفسد الدولة و تفسد معاها عيشة التوانسه، و الي تعمل في الفترة السابقة الكل يندثر …
على هذكا الدولة التونسية بين القرن 18 و 19 بقات ” خطوة لقدّام و عشرة لتالي ” إلى أن طاحت في لـخـّر تحت السيطرة الفرنسية المباشرة ( الإستعمار ) .
الحركة الإصلاحية الي ظهرت في تونس منتصف القرن 19، تفطنت إلى كونوا النظام الملكي في ظل حكم فردي مطلق هو من الأسباب الرئيسية الي قاعد يجرّ في الدولة إلى الإنحطاط و يضعف فيها عام بعد عام، و أنو أغلب المشاكل في البلاد سببها يبدى من الخلل الموجود في نظام الحكم “ولا تتم الراحة بمملكة إذا لم يكن جميع السكان تحت حكم القانون” (الجنرال حسين) ، فبدأ التنظير لتقييد سلطة الملك و تبيان خطورة الإنفراد بالقرار و عدم إشراك ” الرعية ” و النخبة في تحديد سياسة الدولة على مستقبل البلاد، خاصة في كتابات ” أحمد بن أبي الضياف ” .
و من روّاد الحركة الإصلاحية من دعى إلى إرساء نظام ملكي دستوري، يحتفظ فيه الملك بالمنصب مع تقييد حكمه بدستور و إشراك الشعب في صنع القرار عبر مجلس للأمة ( برلمان ) ، لكن الحقيقة أن حلم الإصلاحيين كان يتجاوز الملكية الدستورية إلى الجمهورية و هذا يظهر في رسائلهم و كتبهم .
” وفي هذا الصنف (الصنف الجمهوري) نفع دنيوي للعامة والخاصة، حيث كان أمرهم شورى بينهم… وملوك الصنف الأول (الملكي المطلق) أخذوا من كلام على الانفراد، وفسروه بما لا يكون إلا لله المنفرد بالمشيئة المطلقة، وتركوا المشاورة في الرأي.” ( أحمد بن أبي الضياف )
“ألا ليت زماني يساعدني لكتابة رسالة في هذا الباب، حتى أبين للمسلمين أن ديننا يسوغ الجمهورية. ” ( الجنرال حسين )
ثم كانت محاولة إرساء الملكية الدستورية مع وثيقة عهد الأمان و دستور 1861، الي يقييّد سلطة الملك و ينظم قانون للعرش ( لتفادي النزاع على الحكم الي كان كلّ مرة يدخل البلاد في حرب أهلية ) كما ينظم مؤسسات الدولة و صلاحيات المسؤولين و حقوق و واجبات التوانسه و الأجانب … لكن التجربة تعثرت و فشلت بعد ثورة شعبية عرفت بثورة علي بن غذاهم .
الي حابين نأكدوه من كل المعلومات الي تم ذكرها، أن الجمهورية ما كانتش من إنجاز شخص أو فئة أو حزب، و إنما كانت قضية أمة و مطلب أساسي و مرحلة فاصلة في تاريخ الأمة و كان حلم خدم على إقامتو التوانسه على إمتداد أكثر من قرن، تمّ تحقيقو بعد الإستقلال (1957)، فالإحتفال بعيد الجمهورية ماهوش حكر على فئة دون غيرها من التوانسه و هو حاجة ما عندها حتى علاقة بالميولات الإيديولوجية ولا الإختلافات الفكرية و السجالات الحزبية لأنو هذا عيد قومي و ذكرى يوم من المفروض أنو كان منعرج تاريخي عظيم في تاريخ الأمة التونسية بتتويج عصارة فكر و جهود الرعيل الأول من الإصلاحيين، أحمد بن أبي الضياف، خير الدين التونسي، الجنرال رستم، الجنرال حسين، محمد بيرم الخامس، محمد قبادو، و حتى أحمد باي .
Views: 23