معركة وادي لايــا و إستشهاد علي بن عمارة الجلاصي: الإحتلال الفرنسي 1881
{ علي بن عمارة الجلاصي} لم تردعه نكبة المقرن عن مواصلة الجهاد، فجمع من جديد حوالي 700 فارس من جلاص و إعترض الفرنسيين في أحواز سوسة حائلاً بينهم و بين الوصول إلى سوسة من طريق تونس، أو خروج حامية من سوسة في نفس الطريق، و إنظم إليه مُجاهدو الساحل فرساناً و رجالاً من أولاد سعيد و السواسي و القلعات و غيرها، و جعل مركزه بوادي لايـا، بينما وقف زعيم جلاص الثاني {حسين بن مسعي} في فرسانه يُغطي القيروان من الشمال، و كان الفرنسيون يُحاولون الوصول إلى سوسة من الطريق البرّي و وصلت فرقهم بفرسانها و مدفعيتها مركز {علي بن عمار} في وادي لايـا، و إندلعت المعارك بن الجانبين ما بين 18 و 22 أكتوبر 1881.
و كان المجاهدون يُفاجئون الفرق الفرنسية من كل مكان و يُهاجمون قوافل تموينهم التي تصل أخبارها للمجاهدين فينصبون لها الكمائن في الطريق ما بين أشجار الزيتون و أسوار التين الشوكي، و كانوا يقضّون مضاجع المُحتلين بالهجمات الخاطفة في أماكن مبيتهم تحت ستار الظلام.
و في هذه المعارك إستشهد الشاوش {الهذيلي بالزين} مساعد {علي بن عمارة} و هو من فريق هماد معتمدية السبيخة، و {بلقاسم بن جابالله بن محمد} من فريق السمرة من قبيلة السواسي، أصيب برصاصة في المعدة و حمله قريبه {محمد بن علي بن عثمان} مُعصب البطن على فرسه إلى بلده حيث توفي و دُفن بمقبرة السمرة، معتمدية السواسي.
و أدرك الفرنسيون أنهم سيُلاقون الويلات ما لم يتخلصوا من زعيم المجاهدين، فقرّروا الغدر بـ{علي بن عمارة} مهما كان الثمن، و جلب لهم أعوانهم أحد الخونة، و كان الخائن حسبما يُفهم من الرواية، من جواسيس {علي بن عمارة} الذين يأتون له بأخبار تنقلات الفرنسيين و قوافل تموينهم، و بهذه الصفة تمكن يوماً من معرفة مبيت {علي بن عمارة} في إحدى الضيعات فإتصل بالفرنسيين و عيّن لهم مكانه فغدروا به ليلاً و قتلوه و هو نائم.
و لم يكد ينتشر خبر إستشهاده غدراً حتى بادر إليه رفاقه و رفعوا جثته إلى القيروان. ففتت هذا الموت المفاجئ في عزائم المقاومين، و إنهارت معنوياتهم و فُتح طريق القيروان في وجه القوات الغازية.
[المصدر: كتاب، صراع مع الحماية امحمد المرزوقي -ص108.ص109]
Views: 617