محمد العربي زرّوق، الرجل الذي قال [لا] لمعاهدة الحماية الفرنسية

محمد العربي زرّوق، الرجل الذي قال [لا] لمعاهدة الحماية الفرنسية

ولد محمد العربي زروق بتونس العاصمة سنة 1823م وتعلم بها، والتحق في شبابه بالكلية الحربية بباردو التي تخرج منها بامتياز وبرتبة ملازم.
وهو شديد الغيرة على المصلحة العامة ومحب للفقراء. وتدرج في سلم الوظائف إلى أن انتهى به المطاف ليصبح أمير لواء ثم مديرا للمدرسة الصادقية، وكان يحذق أكثر من لغة أجنبية. وبفضل مواهبه المتعددة وحسن سلوكه اختير ليكون شيخ المدينة (رئيس بلدية العاصمة)، ثم كان أحد أعضاء مجلس الشورى الذي تأسس للنظر في درس ميزانية البلاد وإبداء الرأي في مشاريعها.

عند عرض توقيع المعاهدة على الباي في ماي 1881، طلب الأخير عقد جلسة طارئة و سريعة لمجلس الشورى للنظر في الأمر، و كانت الغاية موش التشاور، لكن إشراك باقي المسؤولين في تحمّل المسؤولية، و أنه ما يتحملش المسؤولية وحده قُدّام الشعب.


و إنعقد المجلس، و كان فيه :
* مصطفى بن إسماعيل : الوزير الأكبر
* أحمد زروق: وزير البحر
* محمد البكوش: مستشار الخارجية
* محمد العزيز بوعتور: وزير القلم
* محمد العربي زروق: رئيس بلدية تونس
* محمد خزندار: وزير الشورى
* إلياس مصلي: مترجم الخارجية
* مصطفى رضوان: رئيس قسم العمل
* محمد البشير بلخوجة: رئيس القسم الأول
* يوسف جعيط: رئيس القسم الثاني
* محمد الطيب بوسن: رئيس القسم الرابع
* حميدة بن عياد: أمير لواء
* محمود بوخريص: كاهية باش كاتب
* محمد بن تركية: قائد عساكر التريس


عند تلاوة نصّ المعاهدة، عارض {محمد العربي زرّوق} بشدّة التوقيع، و ألحّ على الباي بعدم الإمضاء، و أنّ ما يُخشى وقوعه بعدم الإمضاء، سيقع بعد الإمضاء لامحالة.


[ صفوة الإعتبار في مستودع الأمصار و الأقطار| ج3 ص135 ~ محمد بيرم الخامس] يرد فيه مُعارضة {محمد العربي زروق} توقيع شروط المعاهدة، نوردها في شكل حوار بتصّرف :

– مصطفى بن اسماعيل: سيدنا البلاد ضعيفة ما عندهاش جهد قدام قوة فرانسا.
– أحمد زروق: ما عندناش سلاح و ما ننجموش نلموا أكثر من ألف عسكري.
– محمد خزندار: الأهالي معدمين ما يكسابوا شيئ.
– العزيز بوعتور: جيش فرانسا احتل فريقا و بنزرت و وصل حتى للجديدة و اشكون باش يرجعوا على الدخول للمحروسة تونس.


– {م.العربي زروق}: يا سيدنا الواجب و الحق و الشرف و الأمانة تحتم علينا باش ما نقبلوش تصحاح هالشروط، و من باب النصيحة الصادقة لسيدنا نقول اللي الضرر و المكروه اللي نخافوا منهم كيف ما يتمش التصحاح، راهو باش ياقع لا محالة بعد التصحاح، و أنه التمسك بالحق و البراءة من الأصل و من البداية أسلم و أشرف.
– محمد البكوش: يكون في علمك أنه كيف سيدنا ما يصححش يتخلع بعيد الشر و الله لا يقدر و ينصبوا على العرش خوه محمد الطيب اللي حاضر باش يصحح و قابل الشروط الكل.


– {م.العربي زروق}: مستحيل الرعية تقبل انها تبايع و تطيع الطيب. و لو فرضنا قهرونا و قهروا سيدنا، يكون سيدنا على شرفه و يكبر في عينين الرعية، و لربما تتلز الدول الاخرى باش تتدخل بوجه تتقد فيه أحوالنا و يعلى مقدار سيدنا .
– الــصــادق بـاي: ما تعرفش يا سي العربي أنه كيف ما نقبلش الشروط معناها الموت النافع.


– {م.العربي زروق}: يا سيدنا هاذا يشرفك و يعزك، توّا مابقاش وقت لتأخير الي إنتفقنا عليه أمس، من انتقال سيدنا لتونس، و لغادي يتجمع حولك ستين ألف مقاتل من أمتك، ويقضي الله بيناتنا
(وكان جواب الباي إشارة حزينة بيده إلى العسكر الفرنسي المحاصر لقصر سعيد .)
– {م.العربي زروق} : من هنا تبدى المعركة .


– الصادق باي: ( متوجها للمجلس و هو في أشد الفيض و الاضطراب و مشيرا بإصبعه للعربي زروق) هذا يحب ها اللحية هاذي تتمرغد بالدم .
– العربي زروق: موت واحد خير من موت الرعية بكلها.
وقام الباي غاضبا، وفضّ الاجتماع، ووقّع على المعاهدة بسرعة وأصدر أمره بعزل العربي زروق من جميع وظائفه.


و جُعلت عليه بعد ذلك رقابة في داره و حُجّر عليه مُخالطة الناس، و كانت أحياناً تصله بعض أخبار المقاومة. ويظهر أن البعض من أقواله وصلت للباي وللفرنسيين أيضا، ولذلك وقع التفكير في التخلص منه نهائيا بقتله.


و بلغ هذا السّعي {م.لعربي زرّوق}، عندها بدأ يفكر في الإلتجاء للخارج.
وفي يوم خروجه من داره بـ(نهج الحكام) وهو يوم 18 جويلية 1881، تمكن العربي زروق ومن باب خلفي من منزله من أن يخرج ليلا ويخترق بعض الأزقة الضيقة من المدينة العتيقة ليصل فيما بعد إلى السفارة البريطانية بتونس والكائنة في مدخل باب البحر.


ووفرت له السفارة البريطانية بتونس بعد أيام قليلة عملية خروجه على متن جوالة بريطانية وقصد إسطانبول، أين إستبقله {خير الدين باشا} و أكرمه، إلى أن غادر تركيا ليستقرّ نهائياً في المدينة المنورة، أين ظلّ يكرم الحجاج من أبناء وطنه، كما كان حريصا على أن يتلقى أخبار بلاده عن طريقهم إلى أن توفّي يوم 6 جوان 1902 .

Views: 24

لا تعليقات بعد على “محمد العربي زرّوق، الرجل الذي قال [لا] لمعاهدة الحماية الفرنسية

التعليقات مغلقة.