دماء خالدة.. معركة رمثة بجبل تطاوين في 25سبتمبر 1915
المكان “رمثة” ، تقع في منفذ سلسلة جبال تطاوين على سهل الجفارة جنوب تطاوين و هذا المكان يبعد عن تطاوين نحو 30كلم و يصل إليه من تطاوين طريق غير مُعبد وعر المسالك به إلتواءات كثيرة بين الروابي الجبليّة و أوديتها العميقة و يمرّ هذا الطريق بقلعة أولاد شهيدة الواقعة جنوب تطاوين على مسافة نحو 20 كلم.
و رمثة ساحة فسحة يحتضنها الجبل من الشمال و الشرق و تطلّ عليها ربوة تحتها واد جاف من الغرب، أمّا من الجنوب فالساحة تطلّ على سهل متسع يمتد إلى الحدود الليبية، و هو سهل الجفارة.
أمّا في عهد الإستعمار فكان المكان مركزاً للجيش الفرنسي، به ثكنة تسكنها الحامية التي تتكوّن من السريّة 125 و معها عتادها الكامل من بنادق و رشاشات و عدد من الخيل.
قرّر المجاهدون بقيادة شيخ الكراشوة {عمر الأبيض} الهجوم على مركز رمثة و قطع طريق رمثة و طريق الإتصال بذهيبة من جهة تطاوين، ولا يبقى إلاّ الطريق الغربي الرابط بين رمادة و تطاوين و هذا يسهل على أولاد دبّاب قطعه. و كان عدد المجاهدين حسب الرّوايات المختلفة بين 300 و 400 مجاهد جلّهم من الودارنة و أولاد شهيدة و العجاردة و عدد من بقيّة القبائل يقودهم شيخ الكراشوة {الأبيض}.
و بدأ هجوم المجاهدين من الجهتين الغربية و الشرقية و كانت الكثافة في الجهة الغربية و كانت خيلهم تهاجم الخنادق وجها لوجه، و إستطاعت أن تصل إلى مربط الخيل فتغنم منه أفراساً منها جواد جميل فاره إستولى عليه البطل المرحوم {ضوّ بن ضيف الله الشهيدي}، و يقال أنه أهداه بعد ذلك إلى {خليفة بن عسكر}، و كان مُشاتهم يطلقون النار من الغرب و الشمال الشرقي على مسافات تتراوح بين 100 و 300 متر من أسلحة مختلفة عصريّة و عتيقة من نوع بندقية الصوان.
إستمرّت المعركة يومين كاملين 25 و 26 سبتمبر 1915، و في صباح اليوم الثالث وصلت للمركز نجدة قويّة من تطاوين، و كانت هذه النجدة خرجت لغاية البحث عن الثائرين في أولاد دباب و أولاد شهيدة و الكراشوة، فلمّا بلغتها أخبار محاصرة رمثة هبت لنجدتها بقيادة الكولونال [فليك] و تخلّى المجاهدون عن محاصرة المركو و تفرّقوا إلى قبائلهم يُساعدون أهلهم على الرحيل.
و كان حصاد هذه المعركة من الجانب الفرنسي 50 قتيلاً و 40 جريحاً من الضباط و الجنود، و من جانب المجاهدين 56شهيداً كما هو مبين من اللوح الرخامي الذي خلد أسمائهم.
Views: 802