أزمة القيادات التونسية، غياب الوعي التاريخي و ضرورة القومية التونسية

أزمة القيادات التونسية، غياب الوعي التاريخي و ضرورة القومية التونسية

– الأمة التونسية تعاني من أزمة قيادة .هذا تشخيص واضح علخر و بديهي أصلا .الأمة حاليا تفتقد تماما لشخصيات قيادية ناجحة في أحداث التغيير الحقيقي المنشود/المرغوب . كل التيارات السياسية التونسية بدون استثناء تشكو من فقدان قادتها للخصال اللازمة للنجاح السياسي و خاصة للنجاح في الحكم .

انتخابات 2014 و 2019 كانو أكبر دليل على العجز القيادي التونسي : في 2019 الجماهير اختارت واحد من خارج المنظومة الحزبية لأنها توسمت فيه الاختلاف الفكري/الأخلاقي و لنو باقي القادة الحزبيين فقدو ثقتها تماما .في 2014 الجمهور انتخب واحد يذكرو بشبح آخر قايد حقيقي يتذكرو هو ’الحبيب بورقيبة’.

من عهود و تونس عاجزة على إنتاج قايد سياسي حقيقي ينجح في قيادة الجمهور و حكم الدولة و تحقيق الحد الأدنى السياسي –القيمي-الاقتصادي-الإداري –العسكري-الأمني المطلوب بنسبة لدولة حقيقية و على الأقل ينجح في المحافظة على إحترام التوانسة ليه من بدايتو السياسية لحين مغادرتو للحكم .

– القايد الحقيقي ميتبناش في عمر الثلاثين او الأربعين .القايد الحقيقي متصنعوش دورات التكوين في القيادة متع المؤسسات السياسية الأجنبية الناشطة في تونس .القايد الحقيقي ميتصنعش اكاكا كيما دجاج الماكينة .القايد الحقيقي ينبع من الجماعة بفضل نظامها التربوي –التعليمي.

– أثبتت القيادات التونسية إنها أقل من مستوى الثورة ,أقل من مستوى الطموحات و خيبت امل الشعب فيهم .اثبتت القيادات التونسية الحالية انها اقل من مستوى اللحظة التاريخية لنومكانش عندهم استعداد لتحمل مسؤولية دولة بعد ثورة.

اثبتت القيادات التونسية انو مكانش عندها برنامج سياسي حقيقي و اثبتت القيادات التونسية انو معندهاش طموح عظيم من اصلو و انو كل نضالها كان مربوط بشعارات اجنبية مسقطة على الواقع التونسي.

القيادة الحقيقية لأي جماعة تتطلب زوز شروط ضرورية لا غنى عنهم : أولا الايمان بالجماعة و قدراتها على الفعل و ثانيا الطموح العظيم المتخطي للحدود التقليدية للجماعة .القايد مهمتو هوا حث ,توجيه ,تاطير و رئاسة الجماعة في مسار تاريخي نحو غاية .لا قيادة بدون ايمان ,لا قيادة بدون غاية هذا مفروغ منو و هاذ الي تفتقدو نخبتنا و قياداتنا الحالية .

فين يتصنع الإيمان بتونس و الطموح لعظمتها ؟؟ ووقتاش يتصنع هذا و كيفاش يتصنع هذا ؟؟؟

– الايمان و الطموح للعظمة الضروريين لتكوين القيادات الحقيقية يتخلقو في الصغر : في سنوات الطفولة و المراهقة وين تبدا تتكون المعالم الدايمة لشخصية الانسان . يقال انو التعلم في الصغر كالنقش على الحجر . الطفولة و المراهقة هوما سنوات التربية الحقيقية و هوما سنوات غرس القيم الجماعية :وطنية ,قومية ,دينية , اجتماعية ,فنية و حتا رياضية . اي جماعة تضيع فترات طفولة /مراهقة الجيل الجديد فإنها تضيعو تماما و صعيب علخر و شبه مستحيل انها تنجح في خلق قياداتها المستقبلية منو .

الإيمان بأمة معينة و الطموح لقيادتها للعظمة مستحيل يصير مغير تجذر و فهم عميق لروحها .متنجمش تؤمن بجماعة و تقودها حقيقة و انتي وعيك بتاريخها سطحي و فهمك لروحها زادا سطحي و كيما جا جا . القايد الحقيقي لازمو يكون منغرس في تاريخ الأمة و شاد روحها بيديه و هذا يتبنا في الصغرة .- الطفل/المراهق يكون رؤية بسيطة على روحو ,جماعتو و العالم و من الصغرة لازمو يبدا يخلق في ذاتو احلام حول موقعو و موقع جماعتو المستقبلي و اذا من الصغرة مكونش هاته الاحلام اذا من الصغرة طلع عادي مغير طموحات تاريخية و مغير ايمان بواجبو الجماعي فانو عادة شيكون اناني ,لا مبالي ,خمول او تابع للخارج في كبرو .

التاريخ هوا المادة الوحيدة الي تحدد المواقع و تبرز الروح الجماعية . تاريخ الأمة و تاريخ موقعها العالمي و تاريخ الإنسانية هو الي يوري النشئ الجديد معاني العظمة ,المجد ,الضعف ,القوة ,الدولة ,التقدم و يغرسهم بعمق في الوعي الطري و البكر للاطفال/المراهقين . تاريخ الامة هوا الي يخلي الجيل الجديد ينغرس في روحها و يتوحد معها و يحلم فيها وبيها و على خاطرها و من هنا تبرعم القيادات المستقبلية.

– القيادات الحقيقية تتخلق في الصغرة عبر الوعي التاريخي الوطني/القومي و الانساني .في دروس التاريخ تتربا وتتعلم القيم الروحية السياسية العظيمة ,السامية ,الراقية و الخالدة . في دروس التاريخ تتعلم القيم الحربية ,الناجعة ,القوية ,النافعة و التقدمية و في دروس التاريخ تعرف حقيقة امتها ,تعرف اصلها ,تعرف منين جات و كيفاش جات و تتجذر في روح امتها و تولي قادرة انها تاخو موقف من تاريخها و تقرر انها توجهو مستقبليا و هكا تبني طموحاتها و هكا تولي تنجم تقود مستقبلا.

لكن التعليم العمومي التونسي الي موكولة ليه اساسا مهمة التربية و التوعية التاريخية ,الي مطالب بأنو يحقق انغراس الأجيال الجديدة في الروح التونسية و الي مطالب انو يربيهم على القيم العظيمة التاريخية و انو يغرس فيهم طموحات كبرى للامة التونسية.

.التعليم العمومي فشل في هاذا تماما و على مدى 60 عام منذ الاستقلال خلقنا نخب سياسية منبتة ,فاقدة لاي طموح عظيم وسطحية و خاصة خاصة تابعة فكريا للخارج و عندها استعداد غير عادي للانبطاح ليه عبر بوابة الاستدانة .

التعليم الزيتوني عجز سابقا انو ينتجلنا القيادات السياسية الضرورية بسبب افتقادو لتدريس التاريخ و لكن التعليم العصري انتج نخب مزيفة لنو درس التاريخ بطريقة غبية علخر و شوه فيه علخر وعي و شخصيات الأجيال الجديدة.

في المدرسة و المعهد التونسيين التاريخ هوا مادة حفيظة كهو : تشد تحفظ معلومات تعاود تصبهم ببهومية في ورقة الامتحان و سيبو داخ . التلميذ التونسي لا يفهم التاريخ و لا يهتم بيه اصلا ,عادة حصة مملة علخر و الاستاذ يبدا يحكي بدون روح او اهتمام و سعات يبدا اصلا هوا بيدو مجرد حافظ معلومات.

حاليا التاريخ يتقرا في المؤسسة التعليمية التونسية كيما يتقرا القرآن في المدب :سرسط معلومات ,احفظ ,عواد صب و انتها الموضوع و في لخر الجميع يحس انو مادة زايدة و بلا قيمة حقيقية مستقبلية و معندو حتا نفع ,مجرد مادة تقوي في معدل التلامذة الضعاف الي يجيبو في العشرة بالسيف.

التاريخ يتقرا مغير روح ومغير فهم و مغير متعة .حتا حد ماهو مستمتع بدرس التاريخ لا المعلم/الاستاذ ( الي هوا مجرد موظف يعدي في سوايعو) و لا التلميذ . حتا واحد ميفهم او يرى الخط الروحي الرابط بين المراحل التاريخية انسانيا او تونسيا . حتا حد مايرى تكون الروح/الامة التونسية عبر تاريخها و لا يفهمها و لا حتا يبني طموح مستقبلي ليها .

التاريخ من المواد ذات الضارب الضعيف و لذا مياخو اهتمام حقيقي من حتا حد ,التاريخ مادة حفيظة تساعد التلامذة المتوسطين ماركة 10 الحاكم الي شيكونو الموظفين المثاليين ل الدولة التونسية مستقبلا و يتحولو لمناضلين يساريين ونقابيين و يركشو في الوظيفة العمومية و يبهدلو بحال الدولة و الامة مستقبلا.

– التاريخ يتقرا بدون خطة أو منهجية او غاية قومية تونسية .يتقرا التاريخ بكلو علبعضو : ماقبل التاريخ ,بلاد الرافدين ,الفراعنة ,اليونان ,الرومان ,الفنيقيين ,العرب ,اوروبا العصور الوسطى ,النهضة الاوروبية ,قرطاج ,وندال وبيزنط ,اغالبة ,فاطميين ,صنهاجيين ,بني هلال ,موحدين ,مرابطين وووووو مليار حاجة تتقرا في التاريخ من سن 10 سنين ل 18 عام و يخرج بعدهم التلميذ بمجرد معلومات سطحية حولهم لكل و لكن بحتا فهم عميق لحتا درس فيهم .التاريخ يتقرا ككدس دروس متلاحقة متتالية بدون رابط منطقي حقيقي بيناتهم و هاذا تعليم يعمل تشوه في الوعي التاريخي لا اكثر لا اقل.

دورس التاريخ مفيهاش محور اساسي تدور عليه :لا تونسي و لا عالمي . فما فترات هامة علخر من التاريخ التونسي تتعدا في المهموتة و شخصيات محورية تبقا مجهولة و غايبة عن وعي شباب المستقبل وكيف كيف التاريخ الانساني يتقرا محصور في البحر المتوسط و ابسط مثال تاريخ الشرق الاقصى (الصيني ,الهندي ,الياباني ,الايراني ,المغولي ووو) ميتقراش ابدا .- دروس التاريخ التونسي تعملت كيما جا جا . الاساس كان دروس التاريخ القديمة بتع نظام التعليم الاستعماري الي كانت منقولة بكلها من برنامج التاريخ الفرنسي ,هاذي كانت المسودة الي خدمت عليها وزارت التربية و اضيفت ليها دروس تخص التاريخ التونسي لا اكثر لا اقل و لذا خرج برنامج نشاز فرنسي الاصل تونسي المظهر و التلميذ هكا يحفظ و ميفهمش ويقرا و ميتجذرش ويجيب معدل اما ميوعاش.

دروس التاريخ هاذي تظهر فيها تونس بلاد اكاكا وبلاد بلا قيمة مجرد ارض عبور واستقرار غزاة اجانب ,تظهر فيها تونس بلا شخصية ,بلا هوية ,بلا اصل ,دروس التاريخ متوريش الشخصية التونسية في تطوراتها و متوريش ولادتها و صعوبات حياتها ,دروس التاريخ متوريش ابدا المعالم الاساسية في تكون الدولة/الامة التونسية و لذا درس التاريخ التونسية يتقرا و خاصة يتحس كيما درس اي ارض اجنبية هوكا معلومات تتحفظ تتصب في ورقة الامتحان و تتطيش كيما غيرها.

– وقتلي درس التاريخ يتلغا من برنامج السنوات الأخيرة للشعب العلمية/التقنية و يقعد عندو قيمة كان لجماعة الشعبة الأدبية فهذا إهانة مطلقة ليه وتتفيه كامل لدورو في نحت الشخصية القومية-المواطنية التونسية .- النتيجة المباشرة ل60 سنا تدريس تاريخ هاي قدامنا : وعي تاريخي سطحي و مشوه على المستوى القومي و العالمي. انبتات كامل ل النخب التونسية بكلها و عجز قيادي مستفحل ل 6 اجيال لزوز أجيال متتالية ( الجيل يشد 30 سنا عادة).

درس التاريخ و الوعي التاريخ اهم بنسبة للمستقبل القومي التونسي من باقي الدروس ,أهم من درس الرياضيات بيدو . انجمو انطلعو عالم رياضيات ممتاز يخرج يخدم في أرقا الجامعات وميفيد تونس بحت شي . انجمو انخرجو مليار عالم ,طبيب ,مهندس و كفائات مختلفة متفيدنا بشي لنها تفتقد التجذر ,الايمان و الطموح التونسي الي يغرسهم فيهم درس تاريخ حقيقي فيه روح ,انتماء و طموح.

– منهجية ,برمجة ,قيمة و مكانة درس التاريخ في التعليم التونسي المستقبلي لازم تتبدل تماما ,التاريخ لازم يولي هوا أول مادة اساسية لنو هوا “مادة التونسة” ,التاريخ هوا المادة الي مهمتها تونسة النشئ التونسي روحيا و سياسيا و من غادي تبدا عملية تلقيح و تولدي النخب التونسية المستقبلية :نخب متجذرة ,مؤمنة ,طموحة و بالتالي ناجحة .

– النهضة اي نهضة بدون استثناء تبدا بوعي تاريخي شوفو تواريخ كل الامم ,الدول و الجماعات ,اقرو “ابن خلدون” و “هيغل” تو تفهمو مليح هاته الحقيقة. “البشير صفر” مسمينو “ابو النهضة التونسية” كان يقري في دروس التاريخ في الجمعية الخلدونية لطلبة جامع الزيتونة باش يخلق عندهم وعي وطني و يغرس فيهم ايمان و طموح تونسي و كانت نتيجتو الاولى هوا “عبد العزيز الثعالبي” و من بعد الادارة الاستعمارية شافت خطورة نضالات “البشير صفر” (بدا يعمل في شعبية) و قررت نقلو لسوسة ( مات بعدها بسنوات).

– الاستعمار عمل جهدو باش يمنع نشر كتاب “اتحاف اهل الزمان باخبار ملوك تونس و عهد الامان” باش يعرقل تكون الوعي التاريخي التونسي .”حسن حسني عبد الوهاب” لاحظ علخر مشكلة النقص في الوعي التاريخي التونسي و لذا كتب “خلاصة تاريخ تونس” و كرس عمرو لهاته المهمة كتابة وجمع مخطوطات ,جمع مخطوطات و هذا كل مكتبتو للمكتبة الوطنية بعد الاستقلال .

النخبة الوطنية كانت مكرسة وقت اولي للنضال التوعوي التاريخي باش تكون جيل وطني مسلح بوعي ينجم يناضل بيه و ينجح و هاذا الي صار من بعد مع جيل الثلاثينات.

القومية التونسية عقيدة/فلسفة سياسية تونسية مبنية على وعي تاريخي تونسي و على تأملات في التاريخ الإنساني و استكناه غاية الوجود الإنساني منو .القومية التونسية لهذا تؤمن بتونس الامة و عندها رؤية طموحة علخر و عظيمة لمستقبلها و استحقاقاتها المقبلة .القويمة التونسية هيا العقيدة الوحيدة القادرة على بناء و تخريج القيادات الحقيقية الي تحتاجلهم الأمة التونسية.

Views: 6